تعالى بوحدانيته الذاتيّة أو الصفاتيّة أو الأفعاليّة لقلب عبده الموحّد الحقيقي من دون تنزّل الرب في حقيقة العبد ، أو صعود العبد في حقيقة الرب ، بل العبد عبد والرب ربّ حيث علمت أنّ العبد مهما بلغ من القرب فهو مخلوق مبدع لا شيء خرج منه تعالى . فلا محالة لا يكون في أقصى قربه إليه تعالى إلا مظهرا له تعالى لوحدانيّته الذاتيّة والصفاتيّة والأفعاليّة . والحاصل أنّ الله تعالى خلو من خلقه وخلقه خلوّ منه وهذا الأمر غير منثلم أبدا . وسيأتي أنّ الموحّد الحقيقي هو الذي فنى عن نفسه التي هي العدم ، وتوجّه بحقيقته أي بالظهور الذي هو به موجود إلى الجهة الإلهيّة ، التي هي فيه أي في السالك ظهرت ، فلا يرى حينئذ إلا الله الظاهر فيه كما قال عليه السّلام : فرأيتك ظاهرا في كلّ شيء . ثم إنّ من أدقّ الأمور درك تجلي الذات في المظاهر والأمثال الخلقية ، فإنّه لا مطمع لأحد إلى دركها بل كما قال عليه السّلام : وإنه لم تجعل طريقا إلى معرفتك إلا بالعجز عن معرفتك . اللَّهم إلا إذا سبقت منه الحسني فوصل إلى تلك المعرفة ، وسيأتي أنه نور طامس قيّومي يظهر في قلب الولي ، وهذا بكماله هو المقام الولاية الكبرى الإلهيّة التي يكون بأتمها لمحمد وآله صلَّى الله عليه وآله كما قال السجاد عليه السّلام : " ليس بين الله وبين حجّته ستر ولا دونه حجاب ، " وسيأتي الحديث وشرحه في الشرح ، رزقنا الله ذلك بمحمد وآله صلَّى الله عليه وآله . إذا علمت هذا فاعلم : أن ما تداول بين العرفاء من إطلاق العلة عليه تعالى ، وأنّه لا يباين العلة عن المعلول ، وأنه لا بدّ من السنخيّة بينهما ، قد ظهر معناه مما بيّناه من حقيقة الجعل ، وأنّ المجعول مثال للجاعل وظهور له ، وأنّ التفاوت بين الجاعل والمجعول بالإطلاق والتمامية والنقص الراجع إلى العدم ، وفي الحقيقة المجعول هو ظهور شأن الجاعل في التعيّن من دون قيد وحصر في الجاعل ، وعلمت أنّ المثال