فحينئذ نقول : قال تعالى : هو الله الخالق البارئ المصوّر 59 : 24 [1] . وقال تعالى : إنّما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون 36 : 82 [2] فيستفاد منه أنّه تعالى خالق للأشياء بقوله : كن ، الذي ليس بصوت يقرع كما قال أمير المؤمنين عليه السّلام : بل هو إبداع منه تعالى لها لا من شيء ، كما في الحديث أنّه سئل عليه السّلام : " إنّ الله تعالى خلق الأشياء من شيء أو من لا شيء ؟ فقال عليه السّلام إنّ الله خلق الأشياء لا من شيء " فما تقدم من أن الجعل والخلق هو إظهار الجاعل مثال ذاته في الخارج ، لا يراد منه أنّ المثال هو عين ذاته ، أو شيء خرج من ذاته تعالى ، ضرورة أنّ المثال كما يأتي بيانه في شرح قوله عليه السّلام : " والمثل الأعلى " هو ما يتمثّل به الممثّل في الصفات لا في الذات ، كما أنّ المثل - بكسر الميم - هو ما يمثّل به الممثّل في الذات ، بل المراد أنّه تعالى مبدع لها أي الأشياء بنحو تكون مثلا - بالتحريك - له تعالى أي أظهر فيها صفاته من العلم والقدرة والحكمة ، وهو تعالى ظهر بها بما أظهر فيها من علمه وقدرته وحكمته وجماله . والحاصل أنّ خلقه تعالى وجعله تعالى إنّما هو إبداعه للأشياء لا من شيء ، بنحو المثال الحاكي عن قدرته وعلمه وجماله وحكمته تعالى ، وهو تعالى قد ظهر بها بالمثال . ويشير إلى ما ذكر ما رواه في التوحيد [3] قال وهب بن وهب القرشيّ ، وحدّثني الصادق جعفر بن محمد عن أبيه الباقر عن أبيه عليهم السّلام : أنّ أهل البصرة كتبوا إلى الحسين بن علي عليه السّلام يسألونه عن الصمد ، فكتب إليهم : " بسم الله الرحمن الرحيم ، أمّا بعد فلا تخوضوا في القرآن ، ولا تجادلوا فيه ، ولا تتكلَّموا فيه بغير علم ، فقد سمعت جدّي رسول الله صلَّى الله عليه وآله يقول : من قال في القرآن بغير علم فليتبوء مقعده من