فلا محالة لا نهاية له . قال عليه السّلام : في النهج : " هو الله الحقّ المبين أحقّ وأبين مما ترى العيون " [1] . وقال عليه السّلام : " فهو بالمكان الذي لا يتناهى ، " فهو تعالى غير متناه في الغنى والتمامية وفوقها بالشدة والتقدم . قال عليه السّلام : " فهو غاية الغايات وليس له غاية " . والوجه فيه أنّه تعالى لو كان متناهيا في هذه الصفات ، فلا بدّ من أن يتصور له مرتبة فوق تلك المراتب بحيث يكون هو تعالى فاقدا لها . فلا محالة يكون محدودا ومفتقرا إلى تلك المرتبة ، التي هي فوقها في كماله وتكميله وهذا خلف ، لما تقرر أنه تعالى تام وفوق التمام . وكيف كان فلا حدّ له تعالى ولا علامة ولا رسم ليوصل بها إلى كنهه قال تعالى : ولا يحيطون به علما 20 : 110 [2] أي من هذه الطرق وغيرها وقال تعالى : وعنت الوجوه للحيّ القيّوم 20 : 111 [3] . ثمّ إنّه لا بدّ من بيان أمر دقيق فاستمع لما يتلى عليك ، وكن على بصيرة قلبيّة لدركه فنقول : قال تعالى : وهو الذي يبدؤ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه وله المثل الأعلى في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم 30 : 27 [4] فقوله تعالى : - يبدأ - إشارة إلى جعله تعالى الأشياء وإيجادها ، كما أنّ قوله تعالى ثم يعيده إشارة إلى إفنائها بعد الإيجاد ، والجعل والإيجاد عبارة عن إظهار الجاعل تعالى مثال ذاته المقدسة . فقوله تعالى بعد ذلك : وله المثل الأعلى . . . 30 : 27 الآية ، إشارة إلى أنّ الإبداء والجعل
[1] في خطبة له عليه السّلام تحت رقم 154 ( فيض الإسلام ) . . [2] طه : 110 . . [3] طه : 111 . . [4] الروم : 27 . .