وجود الجنس وموجودا به ، فلو كان الباري تعالى كذلك للزم كونه موجودا لأجل جنسه . فهذا مضافا إلى أنّه يلزم تقدم الجنس عليه تعالى في الوجود ، يلزم أن يكون وجوده تعالى وجودا فرعيا لا استقلاليا تعالى عن ذلك علوا كبيرا . ولا يجوز أيضا أن تكون وحدته تعالى وحدة جنسية ، فإنّ مهية الجنس إبهامية مضافا إلى احتياجه في الوجود الخارجي إلى الفصل تعالى الله عن الإبهام والاحتياج . هذا مضافا إلى أنّ الجنس والفصل من حيث إبهامهما ، ومن حيث كونهما موجودين بالقوة لا بالفعل فلا محالة يحتاجان في حصول الوجود لهما إلى المخصص والمقوم الذاتي أي الموجود الفعلي ، فإن ما هو صرف الإبهام والقوة لا يقتضي بنفسه الوجود ، بل يحتاج إلى مقوم موجود يهيّئهما ، ويخرجهما من الإبهام والقوة إلى نحو من أنحاء الوجودات الخارجية حسب ما تقتضيه ذاتهما . فظهر أنّ وحدته تعالى ليست وحدة شخصية كأفراد الأنواع ولا نوعية ولا جنسية ، فلا محالة ليس لوحدته حدّ بل هو وحدة بحتة ووجود صرف ، وحيث لا حدّ له فلا جنس ولا فصل له فلا حدّ له يعرفّه . ضرورة أنّ الحدّ يجب أن يكون مركبا من جنس وفصل . وحيث إنه تعالى صرف الوجود وصرف الوحدة البحتة ، فلا تركب ولا تركيب فيه لا ذهنا ولا خارجا فهو بسيط الذات فلا معرف له . فلا محالة أنّ وحدته تعالى وحدة تندرج فيها الوحدات الثلاث من الشخصي والنوعي والجنسي ، بمعنى أنّ وحدته تعالى جامعة لجميع الوحدات أي أنّ وحدته لا تنافي الكثرات . بيانه : أنّ وحدته تعالى لما لم تكن وحدة عددية ، فإن الوحدة العددية إنما تكون فيما له ثان . وحيث إنه تعالى لا ثاني له ، لأنه لمّا كان صرف الوجود ، فكلما فرضت له ثانيا يرجع إلى الأول وإليه وإلا للزم الحدّ وهو منزّه عنه .