والأساتيد كالأعمى الذي يحتاج أبدا إلى قائد خارجي ، وإلى ما يسند إليه في سلوكه ومشيه . فالعلماء قسمان : قسم له العلم الظاهري بواسطة قيام صور في نفسه ، ولم يكن له انكشاف العلوم في قلبه ، وهذا العلم الصوري محفوظ بالأسباب الخارجية بحيث لو انتفت لانتفى ، وقسم له الانكشاف بحيث ظهرت حقائق الأشياء في قلبه فهو عالم بها بذاته ، ولا يحتاج إلى أمر خارجي ، ولعله إليهما يشير ما في الكافي مسندا عن عمرو عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : قال لنا ذات يوم : " تجد الرجل لا يخطئ بلام ولا واو خطيبا مصقعا ولقلبه أشدّ ظلمة من الليل المظلم ، وتجد الرجل لا يستطيع يعبّر عمّا في قلبه بلسانه وقلبه يزهر كما يزهر المصباح " [1] فإنّ ظلمة القلب مع كونه مصقعا باللَّسان يشير إلى من علم العلم الظاهر من دون تنوّر قلبه بالواقع ، وقوله : وقلبه يزهر كما يزهر المصباح ، يشير إلى القسم الثاني من الذين تكون علومهم بنحو الانكشاف بحيث تكون قلوبهم منورة بنور العلوم الإلهيّة كما لا يخفى . ثم لا يخفى أن ما ورد من : " إنّ العلماء ورثة الأنبياء ، " يشير إلى القسم الثاني منهما لا الأول إذ من المعلوم أنّ علومهم عليهم السّلام الصورية قد علمها المنافقون منهم عليهم السّلام أيضا مع ، أنه لا يمكن لأحد أن يقول : إنهم أي المنافقون ورثة الأنبياء الا بضرب من التأويل ، وهذا بخلاف العلماء الذين تكون علومهم نورا منه تعالى ومكتسبا منه تعالى الذين أشار إليهم أمير المؤمنين عليه السّلام في قوله : " وما برح لله - عزّت آلاؤه - في البرهة بعد البرهة وفي أزمان الفترات عباد ناجاهم في فكرهم ، وكلَّمهم في ذات عقولهم ، فاستصبحوا بنور يقظة في الأبصار والأسماع والأفئدة " [2] . والحاصل : أنه لا يراد من الأخذ من الله أنه كالنبي صلَّى الله عليه وآله بحيث يكون مستقلا في