بالناس ، لا يخلو منه مكان ، ولا يشغل به مكان ، قريب في بعده بعيد في قربه ذلك الله ربنا لا إله غيره . فمن أراده وأحبّه ووصفه بهذه الصفة فهو من الموحدين ، ومن أحبّه ووصفه بغير هذه الصفة فا لله منه بريء ونحن منه برآء ، ثم قال عليه السّلام : إنّ أولي الألباب الذين عملوا بالفكرة حتى ورثوا منه حبّ الله ، فإن حبّ الله إذا ورثه القلب واستضاء به أسرع إليه اللطف ، فإذا نزل منزلة اللطف [1] صار من أهل الفوائد ، فإذا صار من أهل الفوائد تكلَّم بالحكمة [2] فصار صاحب فطنة فإذا نزل منزلة الفطنة ، عمل في القدرة ، فإذا عمل في القدرة عرف الأطباق السبعة ، فإذا بلغ هذه المنزلة صار يتقلب في فكره بلطف وحكمة وبيان ، فإذا بلغ هذه المنزلة جعل شهوته ومحبّته في خالقه ، فإذا فعل ذلك نزل المنزلة الكبرى فعاين ربّه في قلبه ، وورث الحكمة بغير ما ورثه الحكماء ، وورث العلم بغير ما ورثه العلماء ، وورث الصدق بغير ما ورثه الصديقون ، إنّ الحكماء ورثوا الحكمة بالصمت ، وإنّ العلماء ورثوا العلم بالطلب ، وإنّ الصديقين ورثوا الصدق بالخشوع وطول العبادة ، فمن أخذه بهذه السيرة إمّا أن يسفل وإما أن يرفع ، وأكثرهم الذي يسفل ولا يرفع إذا لم يرع حقّ الله ولم يعمل بما أمر به فهذه صفة من لم يعرف الله حقّ معرفته ، ولم يحبّه حق محبّته ، فلا يغرّنك صلواتهم وصيامهم ورواياتهم وعلومهم فإنهم حمر مستنفرة . ثم قال : يا يونس إذا أردت العلم الصحيح ، فعندنا أهل البيت فإنا ورثناه وأوتينا شرع الحكمة وفصل الخطاب ، فقلت : يا بن رسول الله وكلّ من كان من أهل البيت ورث كما ورثتم من كان من ولد علي وفاطمة عليهما السّلام فقال : ما ورثه إلا الأئمة الاثنا عشر ، قلت : سمّهم لي يا بن رسول الله ، قال : أولهم علي بن أبي طالب وبعده الحسن والحسين وبعده علي بن الحسين وبعده محمد بن علي الباقر ، ثم أنا ، وبعدي موسى ولدي ، وبعد موسى علي ابنه ، وبعد علي محمد ابنه وبعد محمد علي ابنه ، وبعد
[1] في المصدر : استضاء به وأسرع إليه اللطف ، فإذا نزل اللطف . اه . [2] فإذا تكلم بالحكمة صار صاحب فطنة . .