والأشقياء ، ومعرفتهم غاية الأفعال والأقوال والأعمال بحسب الدار الآخرة ، وأيضا يعلمون كيفيّة نشوء الآخرة والجنة والنار ، والجسمانيتين والروحانيتين ، وكيفية توزع النفوس إلى سكَّان كلّ منهما ، ولعمري إنّ هذا من أغمض العلوم وأدقها ، ولا يعرفه إلا الخواصّ الكمّلين ، الذين نضّوا نفوسهم عن جلابيب الأبدان ، وطهّروها عن غيره تعالى كما حقق في محله . ويترتب على هذا العلم والمكاشفة القلبية ، أنهم يشاهدون كأنّ القيامة قد قامت في حقّهم ، وكأنهم بعرش ربّهم بارزون ومشاهدون لأهل الجنة منعمّين وأهل النار معذّبين ، كما قال في حقهم أمير المؤمنين عليه السّلام : " وهم والجنة كمن قد رآها ، فهم فيها منعّمون وهم والنار كمن قد رآها فهم فيها معذّبون " وإليه يشير أيضا ما في حديث حارثة عنه صلَّى الله عليه وآله لما سأله رسول الله صلَّى الله عليه وآله عن حقيقة إيمانه ، فأجاب بما أجابه . ولهم خواص وعلامات أخرى قد ذكرها القرآن كما لا يخفى على المتأمل فيه . فاعلم : أن الإخلاص في العمل بلا شوب غرض أو رياء لا يتصور لأحد إلا منهم ومن أتباعهم ، لأنّه يتفرع على المعرفة . وليس لغير العلماء الربانيين معرفة يقينيّة بأحوال المبدء والمعاد وصفاته تعالى وأفعاله ، وإن كان قد أحكم سائر العلوم غير الحقيقيّة ، بل معارفهم با لله على الظن والتخمين ، أو مجرد التقليد من الأكابر ، فإخلاصهم أيضا إخلاص تخمينيّ أو تقليدي ، فإنّ الفرع لا يزيد على الأصل كما لا يخفى . صفات أعداء الله تعالى : فتلك جملة من خصال أولياء الله وخواصهم وعلاماتهم ، وتعرف منها صفات أضدادهم بأضداد صفاتهم إذ الأشياء قد تعرف بأضدادها .