قيل لأمير المؤمنين عليه السّلام : صف العالم ، فوصفه ، فقيل : صف الجاهل ، فقال فعلت . فالمنافقون وأعداء الله وأولياء الشياطين صفاتهم بعكس هذه الصفات المذكورة وأمثالها رأسا برأس ، يعرفها من عرف هذه بالقياس ، إلا أنه لا بأس بذكر بعضها صريحا مما قد عرّف الله تعالى بها الجاحدين والمنافقين ، وكشف بها عن فضائحهم وجهلهم لعباده الصالحين ، وبيّن وخامة عاقبتهم وسوء حالهم يوم الدين ، ولما فيها من التنفّر والتحذير عن الباطل للسالكين ، والتثبت والتقرير على الحق للمطيعين إن شاء الله تعالى . فمنها ما وصفهم الله بإزاء العلامة الأولى التي للأولياء في قوله تعالى : وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون 39 : 45 [1] وقوله تعالى : وإذا تُتلى عليهم آياتنا بيّنات تَعرِف في وجوه الذين كفروا المنكر يكادون يسطون بالَّذين يتلون عليهم آياتنا 22 : 72 [2] فإن الإعراض عن ذكر الحبيب الأول شاهد على كون المعرض عدوا لله وليّا لعدوه اللَّعين ، وهذا حال أكثر المغرورين المتجرّدين بعلم الأقضية والفتاوى المعرضين عن علم التوحيد ، المكَّبين على غيره من العلوم ، التي تكون منشأ الشهوة والجاه عند الخلق . وإلى حالهم هذا يشير قوله تعالى : وأكثرهم للحقّ كارهون 23 : 70 [3] ويشير إلى بعد هؤلاء عن الحقايق وإنكارهم لها ما ورد عن النبيّ صلَّى الله عليه وآله بطريق العامة ولا بأس بذكره مؤيّدا : " إنّ من العلم كهيئة المكنون لا يعلمه إلا العلماء با لله فإذا نطقوا به لم ينكره إلا أهل الغرّة با لله " . ومنها ما وصفهم الله تعالى في قوله : وإذا قيل له اتّق الله أخذته العزّة بالإثم فحسبه جهنم 2 : 206 [4] وهذا حال أكثر الذين أوتوا نصيبا من الكتاب من غير وجهه ،