كنسبة الروح إلى الأعضاء ، فحقيقة الموجودات واحدة ، وهي وجود الحقّ ، مع أنه تعالى ليس بحالّ فيها ، ومع ذلك لا تخلو الموجودات منه تعالى . قال عليه السّلام : " لا تخلو منه السماوات والأرض طرفة عين " . وقال عليه السّلام : " اللَّهم أنت نور السماوات والأرض ، أنت جمال السماوات والأرض " . وقال عليه السّلام : " هو حياة كلّ شيء " . وقال أمير المؤمنين عليه السّلام : " لم يحلل في الأشياء فيقال : هو فيها كائن ، ولم ينل عنها فيقال : هو منها بائن " . فليس الحقّ تعالى بوجوده البحت ووحدته الحقّة متقدّرا بتقدّر الموجودات ، ومتعددا بتعددها ، فهو في الحقيقة مدرك ومحرّك ومفكَّر ومدبّر لجميع الموجودات قال تعالى : لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار 6 : 103 أي أبصار القلوب كما في الحديث وقال عليه السّلام : " لا يدرك مخلوق شيئا إلا بربّه " وسيأتي لفظ الحديث وشرحه في الشرح . فهو تعالى قوام الأشياء ممسك لأظلَّتها ، كما في الدعاء وهو تعالى حقيقتها . فهو كما قال علي عليه السّلام : " أحقّ وأبين مما ترى العيون " أي هو أحقّ بالأشياء في الوجود من نفسها فهو نور لكلّ شيء ، وهذا معنى قوله صلَّى الله عليه وآله : " من عرف نفسه فقد عرف ربّه " أي من عرف أنّ حقيقته هو شأن من شؤون الله ، وأنّه قائم به وموجود به كما قال عليه السّلام : " إنّ روح المؤمن لأشد اتصالا بروح الله من شعاع الشمس بها " فيعلم أنّه ليس إلا ظهورا للحقّ ، ومثالا له على حسب ما خلقه ، مع أنّه خلق والحقّ حقّ ، رزقنا الله فهمه ودركه ، وهذا معنى قولهم : " العالم صورة الحقّ وهو روحه " وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون . ومن علاماتهم : أنهم عرفوا الأسباب والغايات المترتبة عليها في الخلق ، ومعرفتهم حقيقة الملائكة والجن والشياطين ، وأصناف الناس من السعداء