علامات وأحوال أولياء الله : ثم إنّه للعارف الكامل والولي لله تعالى علامات وخواص ، فلا بدّ من الإشارة إليها إجمالا ، فإنها كالميزان في تشخيص صحة السير وعدمها ، فإن الخطرات كما قيل كثيرة في السير إليه تعالى ، ولهذا قد ذكروا لصحّته علامات يعرف بها السير الصحيح ، فنقول : إنّ لأحوال أولياء الله تعالى وهم المؤمنون حقا أمورا منها : 1 - ما ذكره الله تعالى بقوله : إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تُليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربّهم يتوكلون 8 : 2 [1] فإن معناه والله العالم أنّ المؤمن الحقيقي والعارف اليقيني الذي كتب الله بقلم العناية في قلبه الإيمان ، وأيّده بروح منه ، فهو على نور من ربّه ، فإذا ذكر الله وجل قلبه ، فإن وجل القلب عند سماع ذكر الله من خصوصيّة المعرفة والحكمة با لله وصفاته وأفعاله ، إذ الحكمة هي النور المنبسط الإيماني الذي قذف الله ، في قلوبهم ، ومن شأن نور الإيمان أن يرقّ القلب ، ويصفيه عن كدورات صفات النفس وظلمتها ، ويلين قسوته فتلين إلى ذكر الله ويحنّ شوقا إلى الله . قيل : وهذا حال أهل البدايات ، أمّا حال أهل النهايات فهي الطمأنينة والسكون بالذكر ، لقوله تعالى : الَّذين آمنوا وتطمئنّ قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئنّ القلوب 13 : 28 [2] وفي المحكي عنه صلَّى الله عليه وآله : " إنّ أحبّ القلوب إلى الله أصلبها في دين الله ، وأصفاها عن الذنوب ، وأرقّها على الإخوان ، وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا " فجعل صلَّى الله عليه وآله من شروط الإيمان الحاصل في القلب ازدياده من سماع القرآن وتلاوته ، لاشتماله على ذكر الله والمعارف الإلهيّة والوجه فيه ، أنّ الإيمان الحقيقي هو النور الواقع في القلوب بقدر انفتاح روزنة القلوب من أنوار تجلَّي شموس صفاته