قال عمرو : على ذلك ؟ قال : نعم . قال : اكتب ، فكتب إلى أهل مكة والمدينة : أما بعد ، فإنه مهما غاب عنا فإنه لم يفت علينا أن عليا قتل عثمان ، والدليل على ذلك أن قتلته عنده ، وإنما نطلب بدمه حتى يدفع إلينا قتله ، فنقتلهم بكتاب الله تعالى ، فإن دفعهم إلينا كففنا عنه ، وجعلناها شورى بين المسلمين ، على ما جعلها عمر بن الخطاب ، فأما الخلافة فلسنا نطلبها ، فأعينونا يرحمكم الله ، وانهضوا من ناحيتكم . جوابهما قال : وذكروا أنه لما قرأ عليهم كتابه اجتمع رأيهم على أن يسندوا أمرهم إلى المسور بن مخرمة ، فجاوب عنهم ، فكتب إليه : أما بعد ، فإنك أخطأت خطأ عظيما ، وأخطأت مواضع النصرة ، وتناولتها من مكان بعيد ، وما أنت والخلافة يا معاوية ، وأنت طليق [1] ، وأبوك من الأحزاب [2] . فكف عنا ، فليس لك قبلنا ولي ولا نصير . كتاب معاوية إلى ابن عمر قال : وذكروا أن معاوية كتب إلى ابن عمر كتابا خاصا ، دون كتابه إلى أهل المدينة : أما بعد ، فإنه لم يكن أحد من قريش أحب إلى أن يجتمع الناس عليه منك بعد عثمان ، فذكرت خذلك إياه ، وطعنك على أنصاره ، فتغيرت لك ، وقد هون ذلك علي خلافك على علي ، وطعنك عليه ، وردني إليك بعض ما كان منك ، فأعنا يرحمك الله على حق هذا الخليفة المظلوم ، فإني لست أريد الإمارة عليك ، ولكني أريدها لك ، فإن أبيت كانت شورى بين المسلمين . جوابه فكتب إليه عبد الله بن عمر : أما بعد ، فإن الرأي الذي أطمعك في هذا هو الذي صيرك إلى ما صيرك . تركت عليا في المهاجرين والأنصار ، وتركت طلحة والزبير وعائشة ، وأتبعك فيمن اتبعك ؟ ! [3] وأما قولك إني طعنت على علي فلعمري ما أنا كعلي في الإسلام والهجرة ،
[1] طليق : يعني من الطلقاء الذين قال لهم الرسول صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة اذهبوا فأنتم الطلقاء . [2] وأبوك من الأحزاب : يعني أن أباه كان من المشركين الذين حاصروا المدينة في غزوة الأحزاب . [3] استفهام إرنكاري يعني لا أتبعك .