responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الامامة والسياسة نویسنده : ابن قتيبة الدينوري ( تحقيق الزيني )    جلد : 1  صفحه : 169


فأتولى منه ما أسخط الله فيه ، فيعذبني عليه ، فأفارق الرجاء ، وأستشعر الأذى ، ولست بفاعلة حتى يفارقها ، فذكر ذلك أبو هريرة وأبو الدرداء لعبد الله بن سلام ، وأعلماه بالذي أمرهما معاوية ، فلما أخبراه سر به وفرح ، وحمد الله عليه ، ثم قال : نستمتع الله بأمير المؤمنين ، لقد وإلى علي من نعمه ، وأسدى إلي من مننه ، فأطول ما أقوله فيه قصير ، وأعظم الوصف لها يسير . ثم أراد إخلاطي بنفسه ، وإلحاقي بأهله ، إتماما لنعمته ، وإكمالا لإحسانه ، فالله أستعين على شكره ، وبه أعوذ من كيده ومكره . ثم بعثهما إليه خاطبين عليه ، فلما قدما ، قال لهما معاوية : قد تعلمان رضائي به وتنخلي [1] إياه ، وحرصي عليه ، وقد كنت أعلنتكما بالذي جعلت لها في نفسها من الشورى ، فادخلا إليها ، واعرضا عليها الذي رأيت لها ، فدخلا عليها وأعلماها بالذي ارتضاه لها أبوها ، لما رجا من ثواب الله عليه . فقالت لهما كالذي قال لها أبوها ، فأعلماه بذلك ، فلما ظن أنه لا يمنعها منه إلا أمرها ، فارق زوجته ، وأشهدهما على طلاقها ، وبعثهما خاطبين إليه أيضا ، فخطبا ، وأعلما معاوية بالذي كان من فراق عبد الله بن سلام امرأته ، طلابا لما يرضيها ، وخروجا عما يشجيها ، فأظهر معاوية كراهية لفعله ، وقال :
ما أستحسن له طلاق امرأته ، ولا أحببته ، ولو صبر ولم يعجل لكان أمره إلى مصيره ، فإن كون ما هو كائن لا بد منه ، ولا محيص عنه ، ولا خيرة فيه للعباد ، والأقدار غالبة ، وما سبق في علم الله لا بد جار فيه ، فانصرفا في عافية ، ثم تعودان إلينا فيه ، وتأخذان إن شاء الله رضانا .
ثم كتب إلى يزيد ابنه يعلمه بما كان من طلاق أرينب بنت إسحاق عبد الله بن سلام ، فلما عاد أبو هريرة وأبو الدرداء إلى معاوية أمرهما بالدخول عليها ، وسؤاها عن رضاها تبريا من الأمر ، ونظرا في القول والعذر ، فيقول : لم يكن لي أن أكرهها ، وقد جعلت لها الشورى في نفسها ، فدخلا عليها ، وأعلماها بالذي رضيه إن رضيت هي ، وبطلاق عبد الله بن سلام امرأته أرينب ، طلابا لمسرتها ، وذكرا من فضله ، وكمال مروءته ، وكريم محتده ، ما القول يقصر عن ذكره . فقالت لهما : جف القلم بما هو كائن ، وإنه في قريش لرفيع ، غير أن الله عز وجل يتولى تدبير الأمور في خلقه ، وتقسيمها بين عباده ، حتى ينزلها منازلها فيهم ، ويضعها على ما سبق في أقدارها . وليست تجري لأحد على ما يهوى ، ولو كان لبلغ منها غاية ما شاء . وقد تعرفان أن التزويج هزله جد ، وجده ندم ، الندم عليه يدوم ، والمعثور فيه لا يكاد يقوم ،



[1] تنخلي إياه : اصطفائي له من بين الناس ، وأصل اللفظ معناه أن ينخل الشخص الدقيق حتى يستخرج صافيه ويجتنب رديئه .

169

نام کتاب : الامامة والسياسة نویسنده : ابن قتيبة الدينوري ( تحقيق الزيني )    جلد : 1  صفحه : 169
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست