responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الامامة والسياسة نویسنده : ابن قتيبة الدينوري ( تحقيق الزيني )    جلد : 1  صفحه : 170


والأناة في الأمور أوفق لما يخاف فيها من المحذور ، فإن الأمور إذا جاءت خلاف الهوى بعد التأني فيها ، وكان المرء بحسن العزاء خليقا ، وبالصبر عليها حقيقا ، وعلمت أن الله ولي التدابير .
فلم تلم النفس على التقصير ، وإني بالله أستعين ، سائلة عنه ، حتى أعرف دخيلة خبره ، ويصح لي الذي أريد علمه من أمره ومستخيرة ، وإن كنت أعلم أنه لا خيرة لأحد فيما هو كائن ، ومعلمتكما بالذي يرينيه الله في أمره ، ولا قوة إلا بالله .
فقالا : وفقك الله وخار لك . ثم انصرفا عنها ، فلما أعلماه بقولها تمثل وقال :
فإن يك صدر هذا اليوم ولي * فإن غدا لناظره قريب وتحدث الناس بالذي كان من طلاق عبد الله امرأته قبل أن يفرغ من طلبته ، وقبل أن يوجب له الذي كان من بغيته ، ولم يشكوا في غدر معاوية إياه . فاستحث عبد الله بن سلام أبا هريرة وأبا الدرداء ، وسألهما الفراغ من أمره ، فأتياها . فقالا لها : قد أتيناك لما أنت صانعه في أمرك ، وإن تستخيري الله يخر لك فيما تختارين ، فإنه يهدي من استهداه ، ويعطي من اجتداه ، وهو أقدر القادرين . قالت : الحمد لله أرجو أن يكون الله قد خار لي ، فإنه لا يكل إلى غيره من توكل عليه ، وقد استبرأت أمره ، وسألت عنه فوجدته غير ملائم ولا موافق لما أريد لنفسي ، مع اختلاف من استشرته فيه ، فمنهم الناهي عنه ، ومنهم الآمر به ، واختلافهم أول ما كرهت من الله . فعلم عبد الله أنه خدع ، فهلع ساعة واشتد عليه الهم . ثم انتبه فحمد الله تعالى وأثنى عليه ، وقال متعزيا : ليس لأمر الله راد ، ولا لما لا بد أن يكون منه صاد ، أمور في علم الله سبقت ، فجرت بها أسبابها ، حتى امتلأت منها أقرابها ، وإن يكون امرؤ انثال له حلمه واجتمع له عقله ، واستذ له رأيه ، ليس بدافع عن نفسه قدرا ولا كيدا ، ولا انحرافا عنه ولا حيدا ، ولآل ما سروا به واستجذلوا له لا يدوم لهم سروره ، ولا يصرف عنهم محذوره . قال : وذاع أمره في الناس وشاع ، ونقلوه إلى الأمصار ، وتحدثوا به في الاسمار ، وفي الليل والنهار ، وشاع في ذلك قولهم ، وعظم لمعاوية عليه لومهم ، وقالوا : خدعه معاوية حتى طلق امرأته ، وإنما أرادها لابنه ، فبئس من استرعاه الله أمر عباده ، ومكنه في بلاده ، وأشركه في سلطانه ، يطلب أمرا بخدعة من جعل الله إليه أمره ، ويحيره ويصرعه جرأة على الله . فلما بلغ معاوية ذلك من قول الناس . قال : لعمري ما خدعته . قال : فلما انقضت أقراؤها ، وجه معاوية أبا الدرداء إلى العراق خاطبا لها على ابنه يزيد ، فخرج حتى قدمها ، وبها يومئذ الحسين بن علي وهو سيد أهل العراق فقها ومالا وجودا وبذلا . فقال أبو الدرداء إذ قدم العراق : مما ينبغي لذي الحجا والمعرفة والتقى أن يبدأ به ويؤثره على مهم أمره ، لما

170

نام کتاب : الامامة والسياسة نویسنده : ابن قتيبة الدينوري ( تحقيق الزيني )    جلد : 1  صفحه : 170
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست