فكان أول ما رزق ألف دينار في كل هلال ، وفرض له في أهل بيته مئة مئة . كراهية أهل المدينة البيعة وردهم لها قال وذكروا أن معاوية كتب إلى سعيد بن العاص وهو على المدينة ، يأمره أن يدعو أهل المدينة إلى البيعة ، ويكتب إليه بمن سارع ممن لم يسارع . فلما أتى سعيد بن العاص الكتاب ، دعا الناس إلى البيعة ليزيد ، وأظهر الغلظة وأخذهم بالعزم والشدة ، وسطا [1] بكل من أبطأ عن ذلك ، فأبطأ الناس عنها ، إلا اليسير ، لا سيما بني هاشم ، فإنه لم يجبه منهم أحد ، وكان ابن الزبير من أشد الناس إنكارا لذلك ، وردا له . فكتب سعيد بن العاص إلى معاوية : أما بعد ، فإنك أمرتني أن أدعو الناس لبيعة يزيد ابن أمير المؤمنين ، وأن أكتب إليك بمن سارع ممن أبطأ ، وإني أخبرك أن الناس عن ذلك بطاء [2] ، لا سيما أهل البيت من بني هاشم ، فإنه لم يجبني منهم أحد ، وبلغني عنهم ما أكره وأما الذي جاهر بعداوته ، وإبائه لهذا الأمر ، فعبد الله بن الزبير ، ولست أقوى عليهم إلا بالخيل والرجال أو تقدم بنفسك ، فترى رأيك في ذلك ، والسلام . فكتب معاوية إلى عبد الله بن عباس ، وإلى عبد الله بن الزبير ، وإلى عبد الله بن جعفر ، وإلى الحسين بن علي ، رضي الله عنهم كتبا ، وأمر سعيد بن العاص أن يوصلها إليهم ، ويبعث بجواباتها . كتاب معاوية إلى سعيد بن العاص كتب إلى سعيد بن العاص ، أما بعد ، فقد أتاني كتابك ، وفهمت ما ذكرت فيه من إبطاء الناس عن البيعة . ولا سيما بني هاشم ، وما ذكر ابن الزبير وقد كتبت إلى رؤسائهم كتبا ، فسلمها إليهم ، وتنجز جواباتها ، وابعث بها إلي ، حتى أرى في ذلك رأيي ، ولتشتد عزيمتك ، ولتصلب شكيمتك ، وتحسن نيتك . وعليك بالرفق ، وإياك والخرق [3] ، فإن الرفق رشد ، والخرق نكد ، وانظر حسينا خاصة ، فلا يناله منك مكروه ، فإن له قرابة وحقا عظيما لا ينكره مسلم ولا مسلمة ، وهو ليث عرين ، ولست آمنك إن شاورته أن لا نقوى عليه ، فأما من
[1] سطا بهم : نكل بهم وعاقبهم . [2] بطاء بكسر الباء : جمع بطئ . [3] الخزق : الحمق وعدم الروية .