حال أمر الله دوننا ودونك فاقبله ، فإنك أولى بالحق ، وأحقنا بالتوفيق ، ولا أرى إلا القتال . ما قال عمير بن عطارد ثم قام عمير بن عطارد فقال : يا أمير المؤمنين ، إن طلحة والزبير وعائشة كانوا أحب الناس إلى معاوية ، وكانت البصرة أقرب إلينا من الشام ، وكان القوم الذين وثبوا عليك من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، خيرا من الذين وثبوا عليك من أصحاب معاوية اليوم ، فوالله ما منعنا ذلك من قتل المحارب ، وعيب الواقف ، فقاتل القوم إنا معك . ما قال علي رضي الله عنه بعده ثم قام علي خطيبا ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس ، إنه قد بلغ بكم وبعدوكم ما قد رأيتم ، ولم يبق منهم إلا آخر نفس ، وإن الأمور إذا أقبلت اعتبر آخرها بأولها ، وقد صبر لكم القوم على غير دين ، حتى بلغوا منكم ما بلغوا ، وأنا غاد عليهم بنفسي بالغداة فأحاكمهم بسيفي هذا إلى الله . نداء أهل الشام واستغاثتهم عليا رضي الله عنه قال : فلما بلغ معاوية قول علي دعا عمرو بن العاص ، فقال له : يا عمرو إنما هي الليلة ، حتى يغدو علينا علي بنفسه ، فما ترى ؟ قال عمرو : إن رجالك لا يقومون لرجاله ، ولست مثله ، أنت تقاتله على أمر ، ويقاتلك على غيره ، وأنت تريد البقاء ، وعلي يريد الفناء ، وليس يخاف أهل الشام من علي ما يخاف منك أهل العراق وإن هلكوا ، ولكن ادعهم إلى كتاب الله . فإنك تقضي منه حاجتك ، قبل أن ينشب مخلبه فيك ، فأمر معاوية أهل الشام أن ينادوهم ، فنادوا في سواد الليل نداء معه صراخ واستغاثة ، يقولون : يا أبا الحسن من لذرارينا من الروم إن قتلتنا ؟ الله الله ، البقيا ، كتاب الله بيننا وبينكم . فأصبحوا وقد رفعوا المصاحف على الرماح ، وقلدوها أعناق الخيل ، والناس على راباتهم قد أصبحوا للقتال . ما أشار به عدي بن حاتم فقام عدي بن حاتم ، فقال : يا أمير المؤمنين ، إن أهل الباطل لا تعوق أهل الحق ، وقد جزع القوم حين تأهبت للقتال بنفسك ، وليس بعد الجزع إلا ما تحب ، ناجز القوم .