هذا كله جواب إجمالي عن أدلة اعتبارية الحسن والقبح ، أما الجواب التفصيلي . 1 - ان اختلاف العقلاء في التحسين والتقبيح حسب اختلاف الأزمنة والأمكنة إما أن يكون ناشئا من اختلاف التشخيص أي عدم إصابة الكمال الواقعي والنقص الواقعي وذلك لاختلاف الافهام والعقول . وأما ان يكون ناشئا من اختلاف الظروف البيئية المختلفة كالاختلاف بين الأماكن الباردة والحارة فإنه في الأولى يقبح لبس الملابس الخفيفة بخلاف الثانية . 2 - أما وقوع التشاجر والخلاف بين العلماء فيُعلم جوابه مما مر . 3 - أما ما ذكروه من ان الإنسان لو خلق وحيدا أو لم يؤدب لما حكم بحسن أو قبح ، فإن هذا كالمصادرة على المطلوب ، بل أن العقل يحكم بحسن العدل وقبح الظلم ولو لم يكن هناك اجتماع ، ولو لم يؤدب فان الظلم كما سوف نبين هو ممانعة شخص لكمال آخر ، فلو عرف العقل بذلك التعريف وفكّر به فإنه سوف يحكم لا محالة بقبحه . وابن سينا نفسه وقع في التناقض حيث قال في إلهيات الشفاء في مسألة استجابة الدعاء والتضرع والتوسل أن أكثر ما في أيدي الناس من الحسن والقبح حق يقام علية البرهان . 4 - أما ما ذكره المحقق الأصفهاني من ان سببية الفعل للمدح والذم تكون من مناشئ حيوانية ، فهو غير تام وذلك لأن للعقل ملائمات ومنافرات ، وبالتالي يمكن أن يكون المنشأ هو داع عقلي محض ، ويكون العقل سبباً للمدح والذم وهذا واضح في الكُمّلين من البشر حيث نلاحظ ان انفعالاتهم ومدحهم وذمهم ليس ناشئاً من دواع حيوانية ، وذلك لأن قواهم كلها منصاعة تماما للقوى العقلية فتكون كل تصرفاتهم منبعثة عن العقل ، فعندما يذمون ظالما مثلا لا يكون الذم بداعي