الغريزة الحيوانية . ويمكن ان يكون تعبير القرآن عن موسى : ( وَلَمّا سَكَتَ عَنْ مُوسى الغَضَبُ ) إشارةً إلى ذلك ، إذ ان النطق والسكوت من خصائص الإنسان بخلاف الحركة والسكون العامة لمطلق الحيوان ، فقد استخدم تعبير السكوت للدلالة على أن غضبه لم يكن ناشئا من القوى الحيوانية بل من القوى العاقلة وسره هو ما ذكرناه . وهذا التحليل هو الذي يفسر لنا كيف أن الإنسان الكامل يكون رضاه رضا الله وغضبه غضب الله ، لأن قواه كلها منصاعة لقواه العقلية التي هي معصومة في ما تتلقاه من مدركات عن العوالم العلوية من مشيئة الله . ومن الجهة الأخرى أي عندما نُخبر بأن رضا الله في رضا فاطمة « ان الله يرضى لرضا فاطمة ويغضب لغضبها » فانّ هذا يعني عصمتها لأن هذا يعني سلامة النفس والانقياد إلى القوة العاقلة التي هي في اختيار مشيئة الله ، والتعبير المزبور إنما يطلق ويصدق عندما يكون العبد تمام مظهر الطاعة والتبعية لربه . 5 - أما اشكال الشهيد الصدر فجوابه بمخالفته لتعريف الظلم والعدل ، فان التعريف الصحيح للعدل هو وصول كل موجود إلى كماله المطلوب من دون إعاقة وممانعة موجود آخر ، والظلم هو ممانعة موجود من وصول موجود آخر لكماله . فالعدالة الاجتماعية مثلاً هي وصول كل افراد المجتمع في حسن نظام المجتمع إلى كمالاته الممكنة من دون إعاقة الافراد الآخرين . أما عندما تصل طبقة لكمالها على حساب طبقة أخرى فإنه يكون من الظلم الاجتماعي ، والتشريع انما يكون عادلا لأنه يكون كاشفا عن الكمالات المخبوءة في الأفعال والتي بها يصل الإنسان لكمالاته . فالعدل كمال والظلم نقص ، فيكون توصيف العدل والظلم بالحسن والقبح تكوينيا لا اعتباريا .