قوله تعالى ( لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ) [1] ، أي الصرف فلا يقترب إليه . والجواب الثاني : يذكر علماء الأخلاق والعرفان ان المرتبة الأدنى من العصمة هي عدم الرجس وما فوقها كمالات ، كما ان ليس كل عدم يطلق عليه رذيلة ، وذلك لأن العدميات تصنف إلى قسمين أحدهما ما يكون منشأ للرذيلة والشرور والآخر عدم كمال ، والمنطقة الأولى من العصمة سميت بإذهاب الرجس ، ومنه يبدأ السير التكاملي . أما المراد من الطهارة في الآية : فهي في معناها اللغوي مقابل القذارة وقد استعملت في القرآن في مصاديق مادية ومعنوية ، أما الأولى ففي النقاء من الحيض وموارد الاستنجاء بالماء ، أما المعنوية فقد عبر عن الكفر بالرجس في آيات عديدة ( كَذلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ ) ، وقد أطلق فيها الرجس على أحد معاني الشرك أو الالتفات لغير الله . وللطهارة مراتب ومدارج نستفيدها من نفس القرآن الكريم ففي سورة الدهر ( وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً ) في الرواية عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) قال : « يطهرهم عن كل شيء سوى الله » [2] ، فهؤلاء الذين ادخلوا الجنة ونعموا بها يبقى هناك مجال للتطهير مع إنهم داخل الجنة ولا يدخلها إلا المؤمنون ، ولكن مع ذلك يمكن ان ينظروا بإنشداد وجذبة في هذه الجنة إلى غير الذات الإلهية نظرة مستقلة وهذا معنى للشرك دقيق قد لا يلتفت إليه الانسان في حياته اليومية ، وفي بعض الروايات نرى التعبير ان كل شيء شغلك عما سوى الله فهو صنم ، وهذا يدلنا على ان الطهارة