أما الاشكال الأساس في الإرادة فجوابه : أولا : ان الإرادة التكوينية على نحوين أما دفعية وأما تدريجية كما في الأمطار وارسال الرياح لواقح ، وهذه التدريجية لا تقدح في كونها تكوينية وذلك لان الخاصية الأساس لها هو عدم التخلف وهي متوفرة ، وكونها تدريجية لا يقدح في كون الإرادة تكوينية . أما ان التدريجية تقدح في العصمة فهذا أيضا غير تام وذلك لان العصمة على درجات فالملائكة معصومون ولكن هذا لم يمنع ان يتركوا الأولى ، والمسلمون قاطبة يجمعون ان النبي الخاتم ( صلى الله عليه وآله ) بالنسبة إلى ربه تعالى هو في تكامل مستمر ويكتسب الفيض منه تعالى ، وان كان بالنسبة لمن دونه لا يصل إليه أحد لما له من مقام لا يصل إليه نبي ولا وصي ، إذن التدريجية لا تنافي العصمة لان التكامل والسير نحو الله مستمر وهم مكلفون بحقيقة التشريع . وأما الاشكال : بأن الاذهاب من زاوية التدريج لا يستلزم العصمة ، لكن من زاوية اثبات الرجس قبل الاذهاب يدل على عدم العصمة . فجوابه : ان هناك مقطعين في الآية أحدهما يذهب الرجس والآخر يطهركم تطهيرا فلنتأمل في سر المخالفة بينهما ! والسر في هذه المخالفة انه قد قرر في علم الفلسفة والعرفان وأيده الأخلاق ان هناك مقامان مقام التزكية أو التخلية ثم مقام التحلية و التجلية ، وذلك لان التحلية بالفضائل لا يكون إلا بعد التخلية عن الرذائل وهذا شرط في تحقق التحلية وبدونه لا تتحقق ، وفي مقامنا نقول ان اذهاب الرجس تخلية والتطهير تحلية ويلاحظ أن التطهير - وإن كان مستمرا - فعلي حيث لا يوجد فيه دلالة على الاستقبال بل انه مؤكد بالمفعول المطلق وهذا يدل على الوقوع الحالي فلا بد من وقوع الاذهاب قبل ذلك ، وهذا التطهير غير متناهي . ثم ان هناك معنى آخر لإذهاب الرجس يجتمع مع ما تقدم من المعنى وهو بمعنى الإبعاد وأن لا يقترب الرجس من الذات والتوقية عن حريم ذواتهم نظير