والحاصل أن كلا من العلمين يبحث عن الحجية حتى أن علم المنطق يشتمل على صناعة كل من البرهان والجدل والثاني فيه حيثية الالزام فيقترب من علم الأصول وإن كانت حيثيته ليست للخصومة ، إلا أن بينهما فوارق ، ومن ثم أضحى علم الأصول منطقاً للعلوم الدينية وللمعرفة الدينية . فعلم الأصول له دخالة في كل معرفة دينية وعملية استنباط يسعى إليها الإنسان لاستكشاف المجهول . - ثم إننا عندما نذكر تقدم علم على آخر لا نلتزم بذلك مطلقا ، بل نقول أن من المتسالم عليه هو قاعدة التعاون بين العلوم فقد يكون علم مقدما على آخر من حيثية ، ويكون العلم الثاني مقدما على الأول من حيثية أخرى . 2 - وان أريد بالأصول القواعد الفقهية وهو المعنى الثاني فيعتبر علم الفلسفة هو أصول العقائد - هكذا قيل - . لكن الصحيح ان جميع القواعد العامة التي حررت في علم الكلام ، وفي مقدمات التفسير ، وروايات المعارف والبحث فيه كلها تكون أصلا لعلم العقائد . ومن هنا نشأت مدارس مختلفة في ارساء وتحرير القواعد العامة التي يحتاج إليها الباحث في علم العقائد . وهي عديدة : - منها مدرسة المشائين : والتي اعتمدت العقل كأساس لتفسير العقائد والايمان بها ولا يوجد منبعا آخر لا نقلا ولا كشفا ، وأساس هذه المدرسة الفلسفة اليونانية وتبناها منهم أرسطو . ومنها مدرسة الاشراقيين : وهي أيضا متأثرة بالفلسفة اليونانية والتي ترى ان نيل المعارف الربوبية يكون عن طريق الاشراق والكشف الذي يتنزل إلى العقل . وبهذا تتميز هذه المدرسة عن المدرسة العرفانية إذ لا تشترط ان تتنزل المعارف القلبية على العقل ، بينما تشترطه الأولى واشتهر قول شيخ الاشراق لولا العقل والقلب لما