وعلى كل حال لا نجد فيما بأيدينا من أخبار وتواريخ اعتراض الكفار على هذه الشهادة وطعنهم فيها ، ثم إن وصفه بأنه عنده علم الكتاب يعطي الحجية على وجه الاستشهاد به لأن في ذلك إشارة إلى انطوائه ( عليه السلام ) على العلم الجامع وفي ذلك تبيان لكيفية استعلام ذلك بالمسائلة ونحوها ليتحققوا من ثبوت الوصف ومن ثم يستثبتوا وجه حجية شهادته ( عليه السلام ) ، وهذا الكتاب إما ان يراد به الكتب السماوية أو القرآن الكريم ، والأخير هو الأرجح حيث أن سورة الرعد نزلت دفعة واحدة غير متقطعة وموارد الكتاب فيها قد قصد منه القران الكريم ، بل في بعض الآيات من السورة إرادة كتاب التكوين كما في أم الكتاب . 5 - من عنده علم الكتاب ، من بين معاني الإضافة الأنسب ان تكون الإضافة بيانية استغراقية ولو أريد منها التبعيض لأتى بلفظ من كما في وصف آصف بن برخيا في سورة النمل ، وقد ذكرنا ان الاختلافات الواردة في تعابير القرآن تدل على اختلاف المعاني وليس الهدف منها بلاغيا أدبيا ، والإحاطة بمعاني الكتاب ليس بالعلم الحصولي بل بالعلم الحضوري ، حيث ان الكتاب ليس الموجود النقشي بل كتاب التكوين كما سوف يأتي بيانه فيما بعد . هذا مضافا إلى ان العلم لو كان ببعض الكتاب لما كان في شهادته مزية حيث ان المشهود عليه هو أعظم الغيبيات وهو نبوة النبي الخاتم . ثم إن ماهية هذا العلم لا يمكن ان تكون حصولية وذلك لما ذكرناه من ان هذا العلم جعل منشأ لحجية الشهادة ومقتضاه ان يكون التحمل حضوريا . وقد ينقض على هذا المعنى وأن القرآن استشهد بشهادة بعض أصحاب الكتب السابقة وذلك في عدة آيات : منها ( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَكَفَرْتُم بِهِ وَشَهِدَ