والحضور فأطلقت على التأدية باعتبار المنشأ أي أن من له التأدية هو من كان حاضرا فتحمّل الشهادة ، والشهادة في الأمور الاعتبارية تجعل السامع كالحاضر حين التحمل أما في الأمور التكوينية فإنها تجعل المشهود له في أكمل إدراك وأقصى ما يمكن تصوره وهذا لا يكون إلا بحصول علم لديه من الشهادة علما حضوريا . وكأن المعنى كفى بالله حاضرا وتشهدون حضوره في بيان الحق حيث ان هذه القدرة المدركة في القرآن التي يعجزون عنها نحو من رفع الستار عن قدرة الغيب فهو ظهور للغيب عياني لهم بعد كونهم يذعنون بأن الله موجود وحاضر . 4 - شهادة من عنده علم الكتاب ، وهاهنا تطرح أسئلة متعددة في كيفية شهادة هذا الشاهد وفي إمكان كونها شهادة على صدق النبي وفي مصداقها ، وذلك لان المشهود به هو النبوة والارسال فكيف يكون هذا الشاهد شاهدا على ارساله وهذا يعني انه يكون حاضرا في مقام إنباء الرسول حتى يستطيع تحمّل الشهادة والأداء بها ، وإذا لم يكن حاضرا عند تحمله فسوف تكون شهادته اطمئنانا بصدق النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، ومقتضى كون النبي في مقام الاحتجاج أن هذا الشاهد حاضر الإنباء حتى يستطيع الأداء . ومن هنا نستطيع أن نفهم ما ورد في الخطبة القاصعة ( إنك تسمع ما أسمع وترى ما أرى ) ، وهذا يعني أن ( من عنده ) جهز بجهاز وجودي وروح ذات خصائص معينة مشابهة للروح النبوية ( وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ) . قد يقول قائل ان تحمل ( من عنده ) ببرهان حصولي ثبت لديه فسوغ له الشهادة كما في قصة ذي الشهادتين حيث شهد لمجرد ان الرسول هو الذي أخبر ان الدرع له . وهذا القول مدفوع أن تسمية هذا بالشهادة من باب التنزيل وهذا مسلم به ، ولو كان حصول العلم لدى الشاهد بهذه الطريقة فالأولى أن يذكر نفس البرهان ولا