الكريم . ويمكننا القول ان الشهادة نوع من البرهان وهو لا ينحصر بالعلم الحصولي بل يطلق على ما يولّد العلم الحضوري ، وذكرنا أن الكثير - من الفلاسفة من عهد ابن سينا - غفل عن البرهان العياني ، وغرضنا أن شهادة الله هي من نوع البرهان العياني خلافا لما هو مشهور عند المتكلمين من الخاصة والعامة من حصر برهانية المعجزة في العلم الحصولي ، بيان ذلك : أن معجزات الأنبياء المذكورة في الكتاب باقية وليست منصرمة ومختصة بزمن معين ، بل هي باقية وذلك لأن الغرض من المعجزة هو تحدي جميع الأقوام وليس خصوص القوم الذي أرسل لهم الرسول ، ولو كانت المعجزة خاصة بمن أرسل إليهم لأمكن أن يطلع على ايجادها الأمم الآخرى فينتهون إلى بطلان نبوته ولا تكون في واقعها معجزة بل أمرا عاديا خفى سببه عن الآخرين ، فلابد أن يتوفر في المعجزة أنها تحد أبدي للبشرية أي ما يعجز عنه الأولون والآخرون ، ولذا نقول أنه يطلق على المعاجز البرهان العياني . أما تطبيق البرهان العياني على شهادة الله فذلك بعد كون بعض مواده المؤلفة عيانية لا بتوسط الصور الحصولية ، وهنا قد يتساءل عن وجه تقديم ( بالله ) على ( شهيدا ) والجواب انه من جهة الحصر ثم من جهة العيانية فالله حاضر بقدرته اللامتناهية واللا محدودة فكفى بالله الحاضر عيانا وكفى بحضوره العياني ، ويذكر بعض المفسرين أن التعبير ب ( شهيدا ) وليس بشاهد دليل على إرادة الحضور لا الشهادة المنشأة بالكلام . ومما يدلل على أن المراد من الشهادة التكوينية لا الاعتبارية ، هو الرجوع إلى أصل اشتقاقها اللغوي حيث أنها أطلقت على التأدية والأداء مع إنها أسم للتحمل