وطاعتهم وألفتهم وأغدقت عليهم البركات فعادوا قاهرين بعد ان كانوا مقهورين ، وغالبين بعد ان كانوا مغلوبين ، ولكنهم - بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) - سرعان ما تركوا حبل الطاعة والولاية وهدموا حصن الله تعالى بأحكام الجاهلية وصاروا بعد الهجرة أعرابا ، وبعد موالاتهم لولي الله أحزابا ، لم يبقوا إلا على ظاهر الاسلام يرفعون شعار النار ولا العار ، إلى ان تمادى بهم الأمر أن قطعوا قيد الاسلام وعطلوا حدوده وأحكامه . ( ألا وقد أمرني الله بقتال أهل البغي والنكث الفساد في الأرض ، فإما الناكثون فقد قاتلت وأما القاسطون فقد جاهدت ، وأما المارقة فقد دوخت . . . أنا وضعت بكلاكل العرب وكسرت نواجم قرون ربيعة ومضر . . . ولقد قرن الله به ( صلى الله عليه وآله ) من لدن أن كان فطيما أعظم ملك من ملائكته يسلك به طريق المكارم ومحاسن اخلاق العالم ليله ونهاره . ولقد كنت اتبعه اتباع الفصيل أثر أمه يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علما ويأمرني بالاقتداء به ولقد كان يجاور في كل سنة بحراء فأراه ، ولا يراه غيري ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الاسلام غير رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وخديجة وأنا ثالثهما ، أرى نور الوحي والرسالة ، وأشم ريح النبوة . ولقد سمعت رنة الشيطان حين نزل الوحي عليه ( صلى الله عليه وآله ) ، فقلت : يا رسول الله ، ما هذه الرنة ؟ فقال : هذا الشيطان ، قد أيس من عبادته ، إنك تسمع ما أسمع ، وترى ما أرى ، إلا أنك لست بنبي ولكنك لوزير ، وإنك لعلى خير . . . ) . فبعد ما بين ( عليه السلام ) أن قوة الأمة وعزها بموالاة ولي الله وخليفته في أرضه وأن هذه الموالاة تذلل في النفوس وتواضع للباري تعالى سبب لنزول الفيض الإلهي والبركات والنعم وأن بدون موالاة حجة الله تعالى في أرضه تدب الفرقة والأهواء والأحزاب لكون ذلك عن كبر في النفوس واستكبار وهو منشأ نزاع كل منهما مع الآخر ، بعد هذا كله ، أخذ ( عليه السلام ) في بيان الأدلة والبراهين على تقلده لمقام خليفة الله