صدد الاخبار عن الجعل الأرضي لهذا الخليفة ، أما لو كان العكس فإنه يعني أن كونه في الأرض أمر مفروغ عنه والجعل والاخبار عن الاستخلاف ، والأول أنسب وذلك لأن مسائلة الملائكة هو عن كينونته في الأرض وعن هذا القيد الذي يظهر انه مجهول بالنسبة إليهم . ويحتمل أن يكون الجعل بمعنى الايجاد فيأخذ معمولا واحدا ، هو ( في الأرض ) وخليفة صفة له ، وقد يعترض عليه أن هذا التركيب يشبه قولك إني جاعل في البيت مسؤولا أو إني جاعل في المؤسسة مديرا وهذا تقيد للمسؤولية والإدارة ؟ ؟ والجواب : أن هنا مناسبة بين المؤسسة والإدارة والبيت والمسؤولية في حين أنها مفقودة بين الأرض والاستخلاف ، كما أن القرائن التي ذكرناها سابقا من التعليم والإسجاد وما يأتي من تعليم الأسماء كلها تؤكد على ان الاستخلاف دائرته أوسع من الأرض ، ثم ان هذا الجعل مضافا إلى ظهوره في الاطلاق الزماني والتأبيد ما دام الموجود الأرضي أن اعتراض الملائكة حيث يكفي في توجهه صدقه ولو بمقدار البرهة والفترة اليسيرة ، فالتخطئة لهذا الاعتراض لابد ان يكون بنحو النفي والسلب المطلق له ، وذلك بدوام وجود الخليفة ذي العلم اللدني ما دام الخلق البشري على الأرض . * خليفة : والاستخلاف الوارد في القرآن على نحوين : استخلاف عام لنوع البشر والهدف منه إعمار الأرض والعالم الكوني ، والثاني استخلاف خاص وهو خلافة الاصطفاء وهي المقصودة هنا وذلك لأن الحق تعالى قد ربط هذا الاستخلاف بالعلم اللدني المحيط ، ومثل هذا العلم ليس لدى نوع البشر بل لدى فئة خاصة منتخبة من البشر ، ولكن هذا لا يعني الاختصاص بآدم بل قد يعم فئة من بني البشر ، نعم هو لا يعم كل البشر . والفارق بين الاستخلاف والنيابة والوكالة ، أن هذه العناوين تقتضي وجود