درجات كمالاته فهو أمر مرجو ممكن الحصول عليه ، فلماذا لا يصح الاقتداء ولماذا لا يمكن السعي نحوها ! ! وقد يقال : إذا كان الأمر كذلك فما الحاجة إلى الإمام من أجل الاقتداء به إذا لم يكن من الممكن الحصول على كل كمالاته ، فليقتدي مباشرة بالكمال المطلق اللا محدود وهو الذات المقدسة ؟ وجوابه : أن الإمام هو الآية العظمى وفي الحديث « ما لله أية أكبر مني » وآيته في الصفات الخلقية ، فالسعي إلى الله غير متناه لا في الدنيا ولا في الآخرة ومن رحمة الله بعباده أن جعل لهم إماما يقتدون به يماثلهم في البشرية ومتخلقا بأخلاق الله عزّوجل ، وهذا هو لطف الله بعباده لأن المقتدى أيضا هو في حالة سير وحركة من أجل تحصيل الكمال اللا متناهي ، وسوف يأتي مزيد بيان لهذه النقطة . ونعود إلى محل الكلام فإن هذه الحالة الوسطية دائما هي التي تدفع الإنسان نحو الحركة والعمل وكما في الخوف والرجاء ، فلا هو حصر في حالة الخوف فقط لأنه يأس من رحمة الله ، واليأس عدم اعتقاد برحمته تعالى فهو كفر ، والرجاء المطلق كفر أيضا لأنه عدم اعتقاد بعقاب الله . فالإمام ليست صفاته كلها قابلة للمنال ولو كانت كذلك لما كان الانسان متحركا نحوها بحركة مستمرة دائمة لا تقف عند حد ، ولا هي حاصلة للانسان حتى لا يكون هناك دافع نحو السير والسعي الحثيث . وسوف نشير في بحث الفقه العقلي للإمامة إلى أن الوسيلة الصحيحة للتوحيد هي الإمامة . ثالثا : ذكرنا أن كمالات الإنسان تشمل جنبتيه البدنية المادية و الروحية المعنوية ، وكمالات الجنبة الأخيرة على قسمين : منها ما له ارتباط بالبدن كالشجاعة فهي كمال روحي إلا أن له ارتباطاً بالبدن . والقسم الآخر : كمالات روحية لا ارتباط لها بالبدن بل ترتبط بعوالم الغيب و الآخرة والعوالم المجردة ،