وكمالات هذا الجانب أشرف من الجوانب الأخرى ، والاقتداء المؤدي للكمال لا بد أن يشمل جميع جوانب النفس الانسانية ، ومن هنا نحتاج في المقتدى أن تكون له جوانب غيبية وكمالات مرتبطة بعالم الغيب . رابعا : إن دراسة طبيعة حركة الانسان ترشدنا إلى أن جوارحه تنطلق في حركتها من الجوانح ، والأخيرة تتحرك طبقا للإذعان والايمان والاعتقاد الذي يلتزم به الانسان فهذه الهيكلية في صدور تصرفات الانسان هي الأساس ، وهذا يعني أن أساس تحرك الانسان هو معارفه الاعتقادية ، والاعتقاد يشمل جميع الجوانب الغيبية وغيرها ، فلا يمكن أن نتمسك بقسم معين من المعارف ونثبته ونغض الطرف عن القسم الآخر لأن العقائد شأن مجموعي تبتني عليه عمل الجوانح التي هي المحرك للجوارح فإذا اختل الأساس اختل ما عليه من البناء . خامسا : نحن نسائل المستشكل الذي لا ينفي الغيبيات في المقتدى ، بل يحصرها في اثبات المعجزة للرسالة والنبوة والإمامة ، نقول : لماذا في هذا الجانب نثبت الأمر الغيبي ؟ والجواب : أن هذا هو الكاشف عن اتصال هذا الشخص بالغيب وأنه مبعوث وسفير من قبل الله سبحانه وتعالى ، فالمعجزة هي المثبتة للاتصال والسفارة الإلهية وأن هذا الاتصال غير موجود في بقية أفراد البشر ، ونحن نقول أن هذا الاتصال الغيبي هو المقام الغيبي نفسه ، بمعنى أن هذا الاتصال يكشف أن لهذا الشخص درجة وجودية معينة ، وهذه الخصوصية مَنّ الله تعالى بها عليه وهي التي مكنته من الإتيان بالمعجزة حتى يثبت لبني البشر أنه سفير من قبل الله تعالى . ومما لا شك فيه أن تصحيح محل النزاع بما ذكرنا سوف يهئ لنا الأرضية والذهنية المطلوبة للتعامل مع الأدلة العقلية والنصوص الشرعية ، حيث أن طائفة كبيرة سوف تدخل في ضمن نطاق التحليل والاستنطاق بخلاف ما إذا كان