أما التقريب الثاني فيرده ان هذا البناء العقلائي ليس بممضي بل ورد الردع عنه في آيات وروايات تقدم ذكرها تشير أن الحكم لله فقط ، وأنه يضعه حيث يشاء ، ويجب التنبه إلى أن السيرة العقلائية ليست هي حكم العقل فالسيرة تعني تواضع ووضع العقلاء الاعتباري وإنشاؤهم الفرضي لأجل تنظيم مجريات أمورهم وحياتهم ، وبعضه يقع موضع امضاء الشارع وبعضا لا يقع كذلك وما نحن فيه من هذا القسيم . وقد يقال بامضاء البناء العقلائي من جهة ما ورد في نهج البلاغة ( الكتاب 51 ) حيث يصف عمال الخراج : من عبد الله علي إلى أصحاب الخراج أما بعد . . فأنصفوا الناس من أنفسكم واصبروا لحوائجهم فإنّكم خزان الرعية ووكلاء الأمة : فالتعبير بوكلاء الأمة يعني ان الأمة قد أوكلت الإمام وهو بدوره أو كل هؤلاء . والجواب : أ - في التقنين الاقتصادي الاسلامي يعتبر الخراج ضريبة توضع على الأراضي ، وهي ملك المسلمين وليست ملكاً للإمام ولا الحاكم ، فمن يكون على أموالهم له نوع من التوكيل وهذا غير من نحن فيه ، وهذا التقنين غير وارد في الفيء والأنفال حيث إنها ملك لولاية المعصوم نظير ما يقال حاليا ملك الدولة لا الأمة . ب - ان الإمام قال : « وكلاء الأمة وسفراء الأئمة » . فهؤلاء لهم لحاظان فمن حيث كون المال للمسلمين فهو بمنزلة الوكيل ، ومن ناحية الولاية على التصرف والتدبير فهو بيد الحاكم وهو سفير له . ج - الايكال له معنى آخر غير الاصطلاحي وهو يحصل بأن يوكل الانسان أمراً إلى آخر مع أنه ليس تحت يده كما في التوكل على الله وايكال الأمر إليه ، وإنما يعني جعل همّ وتدبير ذلك الشيء بيد الآخر . وما قيل من دلالة قوله تعالى : ( فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ