على الأقلية ولو بتفاوت يسير . وكذلك لزوم توفر شرائط في الشخص المنتخب بالعقد الاجتماعي وليس هو من وضع سلطة الأفراد على أنفسهم ، بل كلا الأمرين وغيرها من النتائج التي لا تتلائم مع فلسفة السلطة الفردية والعقد هي من قضاء العقل كمادة قانونية مرعيّة عند الكل . فمثلا لزوم كون الرئيس المنتخب ذو خبرة وكفاءة عالية ( العلم بمعناه الوسيع ) وذو أمانة فائقة ( العدالة وإذا ترقت أصبحت عصمة ) لابد منه ، وليس للفرد والأفراد تخطي هذا القانون تحت ذريعة السلطة الفردية المطلقة العنان ، وهذا ما يقال من غلبة النزعة للمذهب العقلي في القانون الوضعي الحديث على المذهب الفردي . ومن ذلك يتضح أن العقد الاجتماعي والسياسي ( سواء الانتخاب أو البيعة ) ليس إلا عبارة عن عملية توثيق وإحكام وعهد مغلّظ للعمل بالقانون ، سواء على المنهج التوحيدي الديني أو الوضعي أخيراً ، فضابطة الصحة للحاكم ليس هو العقد السياسي بل هو توفر شرائط القانون الإلهي فيه ، أو الوضعي الإلهي حيث انه يشعّب الولاية من المالك المطلق الخالق طبق موازين الكمال والعصمة والاصطفاء ، فهو يعين المصداق الذي تتوفر فيه الشرائط ويكسبه ولاية الحكم ، وتكون البيعة والعقد السياسي معه من قبل الناس ما هو إلا زيادة تعهد وإلزام بالعمل نظير النذر والقسم المتعلق بأداء صلاة الظهر أو صيام رمضان تغليظاً للوجوب . وأما المنهج الوضعي فهو يترك مجال تعيين المصداق لاختيار الأمة لكن يظل هذا التخيير له لون صوري غير واقعي في حالة تخلف الشرائط والمواصفات ففي الشخص الحاكم التي يعيّنها القانون ، ويظل التخيير غير صائب في حالة توفر الصفات بنحو أكمل في شخص لم يقع عليه الاختيار ، وهذا الجانب السلبي في المنهج الوضعي قد عالجه المنهج الرباني الإلهي بجعل الانتخاب بيد العالم بالسرائر وبمعادن البشر ( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ) .