والإرث . بل هو يكون فرعاً عن ملكية سابقة ، ففي الرتبة السابقة يجب ان يكون للبايع ( المبايع ) صلاحية وسلطان معين على مورد المبايعة ثم ينقله إلى آخر . فنفس دليل البيعة لا يدل على وجود تلك الملكية السابقة والسيادة السابقة للأمة . أي إذا فرض كون سيادة موجودة فحينئذ تكون المبايعة نقل لتلك السيادة من الأمة إلى الحاكم [1] ، ويؤيد ذلك ان نفس المعاني التي ذكرها اللغويون بعيدة عن انشاء الإمرة والحاكمية بل غاية ما تدل عليه هو الالتزام ببذل الطاعة ، وفي مسند أحمد بن حنبل قلت لسلمة بن الأكوع : على أي شيء بايعتم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يوم الحديبية ؟ قال : بايعته على الموت . فلم تكن المبايعة على الترشيح أو التولية . 2 - لو لاحظنا ما ذكر في الآيتين الكريمتين من مورد البيعة ، وان المسلمين عندما بايعوا على ماذا بايعوا وان المؤمنات عندما بايعن على ماذا بايعن ، هل بايعوا على أمور لهم صلاحية تركها والالتزام بها فاختاروا الثاني . أم ان المبايعة كانت على الحاكمية . إننا نلاحظ انه في الآيتين وفي غيرها لم يرد ذكر للحاكمية على الاطلاق ، بل وردت المبايعة على المناصرة والالتزام بأمور أوجبها الاسلام كعدم الشرك وترك الزنا وعدم العصيان ، وهي أمور يجب الالتزام بها ويحرم عليهم تركها فما الذي أفادته البيعة ؟ إذن البيعة تعبير ظاهري وخارجي عن ذلك الالتزام . فهي أولاً : لم يكن موردها الحاكمية فإن حاكمية الرسول هي من الله ، وثانياً : لم تكن فيه عملية نقل أو انشاء ولاية على الاطلاق ، وهذا يعني ان للبيعة معنى آخر ليس هو نفس المعنى المأخوذ في البيع .
[1] ويمكن التنظير بالدليل التعليقي التقديري فإنه يثبت الحكم على فرض وجود موضوعه ، ولا يتعرض لحالات الموضوع ، فإذا ورد دليل يتعرض لنفي الموضوع للحكم المزبور في مورد معين فإنه لا يعارض ذلك الدليل لأنه لا يتعرض للموضوع بل للمحمول فقط .