4 - ( وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنْتُم مُؤْمِنِينَ إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ ) . وفي هذه الآية بيان لمّا تراجع المسلمون عن مواقعهم العسكرية التي أبانها الرسول ( صلى الله عليه وآله ) لهم فسيطر الكفار على ساحة المعركة فحثهم على الصبر وعدم الضعف عن الجهاد إذ مع هذه الخسارة المؤقتة فأنتم الأعلون ، وان كنتم قد أصبتم فقد أصاب الكفار في بدر أكثر مما أصبتم الآن ، ويذكر سنة من سنن الله في الكون وهي أنّ الأيام يصرّفها بين الناس فتارة لهؤلاء وتارة لهؤلاء . 5 - ثم يبين الحِكَم والمصالح التي تظهر من تلك المداولة والفوز والخسارة فإنها امتحان للمسلمين ( وَلِيُمَحِّصَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ 141 أمْ حسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ) فالحكمة واضحة والابتلاء ظاهر ، فليس جميع المسلمين في مرتبة واحدة من الايمان والاعتقاد فيجب تمحيصهم وابتلائهم بشتى صنوف الاختبار وإذا ما انتصر الظالمون يوماً فهذا مؤقت ولا يدل على حب الله لهم ، بل هو امتحان وابتلاء للمؤمنين ، ودخول الجنة ليس بالايمان اللفظي بل بالعمل والجهاد والصبر . فما حصل من تضعضع في صفوف المسلمين يجابهه القرآن ويرفعه ويذكرهم ( وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِن قَبْلِ أَن تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ ) وقد ورد ان المؤمنين عندما أخبرهم الله تعالى بمنزلة شهداء بدر قالوا : اللهم أرنا قتالاً نستشهد فيه . وقد نقلت كتب السير بعض مواقف هؤلاء الثابتين والمشتاقين إلى لقاء الله . 5 - ( وَمَا مُحمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ ) . وهذا هو الامتحان الأهم فبعد أن سيطر الكفار على ساحة المعركة لأسباب سوف تشير إليها الآيات القادمة . ولم يبق مع الرسول الأكرم إلا الخلّص مثل أمير