ط - ان الاعتبارات غير ثابتة و متزلزلة فلا يمتنع ان لا يأتمر و لا يتبع الإنسان ذلك الاعتبار ، لذا مست الحاجة إلى ان تعتبر ما يدعم هذا الاعتبار ويجعله مؤثرا في إرادة الإنسان ، فاعتبر الثواب والعقاب واعتبر المدح والذم ، فاعتبار المدح والذم انما هو لأجل أن يكون دافعا لأن يتبع الإنسان الاعتبار الأصلي حيث يضعف تأثيره وكلما قوي تأثيره ضعفت الحاجة إلى الثواب والعقاب أو إلى مدح وذم العقلاء . والعلامة الطباطبائي في المقالة الثانية من رسالة الاعتباريات يركز على أمر مهم ، وهو كيفية نشأة التكوين من الاعتبار حيث أوضح في مقالته الأولى كيفية نشأة الاعتبار من التكوين والحقيقة ، وكيف ان الاعتبار هو اعطاء حد الشيء أو حكمه لشيء آخر بتصرف الوهم ، وانه ينشأ بسبب النقص وهو أمر حقيقي ، أما في المقالة الثالثة فبيّن ان الاعتبار يولد الإرادة والإرادة تحقق الفعل التكويني الخارجي ، وهو إما كمال للانسان أو نقص ، فينشأ حينئذ التكوين من الاعتبار ، فولّد العقل التكوين من خلال عنوان اعتباري . وجوه التأمل في نظرية العلامة : لا يخفى ما في النظرية من ظرافة ودقة نظر ويظهر كذلك مدى أهميتها في صياغة الفكر البشري ، وهذا لا يمنع من وجود بعض التأملات لنا عليها : 1 - إننا نتفق مع العلامة في : * ان العقل النظري لا يحرك الإرادة ، لذا سوف يأتي في الفصل الثاني ان التوحيد النظري من دون التوحيد العملي ، وهو تولي ولىّ الله الذي يهدي لإرادات الله ومشيئاته ، لا يوجب تحرك الإنسان بل توجد مراتب أخرى متوسطة حتى تصل إلى مدركات العقل العملي .