ه - أول اعتبار قام الذهن بتصويره حتى يحرك الإرادة هو ايجاد نسبة الضرورة بين موضوع ومحمول لم تكن بينهما تلك النسبة من قبل ، بيان ذلك : ان الإنسان يرى وجود نسبة حقيقية بين ذاته وبين أعضائه ، فيقوم بجعل نفس هذه النسبة بين نفسه وبين الأكل فيسعى نحو تحقيقه فيتحرك نحو الغذاء . وعبّر عن هذا بأنه أول خديعة . بعض تلامذة العلامة يصور الخديعة بنحو آخر وذلك بان الخديعة التي تقوم بها هي تصوير ان حاجات البدن هي حاجات الروح ، ويجعلها ضرورية لها ، وتفسير هبوط آدم إنه هبوط ادراكي حيث جعلت الروح البدن جزء حقيقة نفسها ، فجعلت كمالات البدن وحاجاته هي حاجات لها فأول خديعة هي من جعل البدن جزء من الروح . خدعت بها الفطرة الانسانية إياه لتتوصل بها إلى الخير بالذات والكمال المطلق الحقيقي . و - ان نسبة الضرورة تعني الوجوب وهو متقدم على الحرمة كما ان الاستحباب متقدم على الكراهة وذلك لأن الشعور بالحاجات والضرورات متقدم على الشعور بالمضرات والمؤذيات التي نسبة الامتناع . ز - مثال آخر على نشأة اعتبار آخر هو اعتبار الملكية وكيفية حصوله : هو أنه رأى وجود نسبة حقيقية بين الإنسان وسلطته على أعضائه وتصرفه بها كما يشاء ، فجعل هذه السلطة بين الأمر الخارجي وبين نفسه حتى يستطيع التصرف والاستفادة منه وحده ولا ينازعه فيه أحد . ح - وأول اعتبار اجتماعي نشأ هو اعتبار الألفاظ ودلالتها على المعاني ، ثم بعد ذلك تولد اعتبار العقد والمعاملات ، واعتبار الرئاسة وذلك لأن في الإنسان توجد قوة العقل التي تكون مهيمنة على بقيه القوى ، فانتزع العقل هذه النسبة وجعلها في مملكة صغيرة هي مملكة الأسرة ورئاسة وهيمنة ربها ثم للمجتمع .