والعقل العملي في فعله يعتمد على الإدركات الصحيحة التي تتم في العقل النظري والعملي ، فهو يقود لأنه يمتلك العلم الذي لا تمتلكه بقية القوى وهذا العلم هو الذي يعطيه الصلاحية لقيادة قوى الانسان ، ولو كان هذا العلم محتملا للخطأ لما أصبحت لديه اللياقة لقيادة الانسان وقواه ، وقد بينا في الفصل الأول مفصلا مدركات العقل العملي والنظري وعلمه الحصولي والحضوري ، والمهم هو الأخير لأنه أعلى وأشرف من الأول ، فالهداية الإيصالية للعقل العملي وهو إمام هدى للقوى المادون تتم بواسطة علم شريف أشرف من العلم الحصولي وهو العلم الحضوري . والعقل في نفسه مبرأ من الغرائز الشهوية والزلل ، وليس العقل هو الذي يسبب الزلل والوقوع في الخطأ ، بل هو بسبب سيطرة القوى المادون ، وقد قرروا في محله أن إدراكات العقل في نفسها لا خطأ فيها إلا إذا تدخلت القوى الأخرى فيها وهي الواهمة والمخيلة والقوى الشهوية والغضبية . والخلاصة : أ - أن قوى الإنسان تهتدي إلى الكمال بواسطة العقل العملي . ب - أن العقل العملي يقوم بدور إمام هدى ، وهذه الهداية إيصالية وليست مجرد إراءة وإلا لاكتفي بالعقل النظري ، فهذا يدل على الحاجة الفطرية داخل الانسان لوجود ما يقوده إلى الكمال . ج - أن العقل العملي استحق هذا المقام بسبب العلم الذي لديه . د - أن العلم الحصولي لدى العقل العملي يعتمد على أساس العلم الحضوري الذي لا خطأ فيه . ه - أن العقل واسطة لتنزل العلوم من العوالم الغيبية العلوية إلى العوالم المادون ، ولا يمكن للقوى المادون ( الغضبية والشهوية . . . ) أن تتصل بتلك العوالم إلا