نام کتاب : الإمام جعفر الصادق ( ع ) نویسنده : عبد الحليم الجندي جلد : 1 صفحه : 99
ففزعه من أبى مسلم وجنده لم يكن إلا رجع الصدى لصوت يتصايح في آفاق حياته ، وأعماق ذاته : أنهم سرقوا الدولة من أبناء على . ومن هنا خوفه المستمر من انتقاض أهل خراسان الذين جاءوا لمبايعة " الرضا من آل محمد " . وأهل البيت أولى منه في أنظار الذين جاءوا به وبأخيه إلى السلطة . وخوفه من أعضاء بيته أشد . فلقد كان عمه عبد الله بن علي قائد جيش الشام ، لكنه خرج عليه ، وأخمد فتنته أبو مسلم الخراساني ، حتى إذا استسلم - على عهد - حبسه أبو جعفر ليقتله بعد زمن من قتله أبا مسلم ذاته . وكذلك غدر بعيسى بن موسى الذي انتصر على محمد وإبراهيم فسلبه حقه في ولاية العهد ، وولى ابنه المهدى عهده . فكان غدره كهيئة ما غدر عبد الملك بعمرو بن سعيد الأشدق في ولاية العهد ، قائلا : ( ما اجتمع فحلان في شول إلا أخرج أحدهما صاحبه ) . وما كان نقض معاوية عهده مع الحسن بن علي ، إلا درس المعلم الأول للرجلين : أن يستعملا الزمن . وأن ينتهزا الفرص . وأن يحركا الحوادث بدهاء : وأن يقطفا الثمر : ثمرة ثمرة . وأبو جعفر لا يتردد في إعلان التشابه بينهم وفي تعطشه للدم . فيعلن في الناس أن ( الملوك ثلاثة : معاوية وكفاه زيادة . و عبد الملك وكفاه حجاجه . وأنا . ولا كفاة لي ) كأنما لم يكن فيما سفكه كفاية . فكان يريد أن يسفك له دما أكثر سفاحون أصغر ! الواقع أن أزمات أبى جعفر كانت آخذة بخناقه من كل صوب فهي في نفسه ، وفي بيته ، وفي دولته ، وفي صلته بالأمة : أن كانت القوة العسكرية التي أجاءته إلى الحكم ، قد تخلت عنه بل حملت السلاح ضده . وكانت القوة الفكرية التي قامت عليها الدولة ، قد صار أصحابها فرائس له . وكانت القوة العصبية ، قوة أسرته ، تترنح بخروج عمه
99
نام کتاب : الإمام جعفر الصادق ( ع ) نویسنده : عبد الحليم الجندي جلد : 1 صفحه : 99