نام کتاب : الإمام جعفر الصادق ( ع ) نویسنده : عبد الحليم الجندي جلد : 1 صفحه : 56
الحق أن الحسين قدم للمسلمين الذين تعاقبوا في آثاره على مدار الزمان ، حجة بالغة من أهل بيت الرسول . إذ ينفردون في التاريخ بهذه الخصيصة التي لم يماثلهم ، أو يقاربهم ، فيها أهل بيت آخر في تاريخ الإنسانية : الاستشهاد في سبيل هداية البشر لما هو أقوم . وهي بعض خصائص الرسل . منح الاستشهاد اسما لكربلاء . وخلد الأسماء التي تساقط أصحابها كالكواكب المنتثرة من السماء فوق الصحراء ، لا لتنكدر ، ولكن لتقدم للبشر درس الدفاع عن الحق . من فئة قليلة ، واثقة في الحق سبحانه ، لا تهمها أرواحها ، وإنما يهمها العمل الصالح في ذاته . ولا تنظر إلى الساعة التي هي فيها ، وإنما تمد أبصارها إلى مستقبل الإنسانية كله ، لترتفع بالدنيا إلى مستوى أفكار الأئمة . ولقد صدق الحسين المسلمين في كل موقف وقفه . وكان عند وصية أبيه له ولأخيه الحسن وهو يجود بأنفاسه الأخيرة ( أوصيكما بتقوى الله . ولا تبغيا الدنيا وإن بغتكما ) فلم يبتغ الدنيا واشترى بها الآخرة . . فأمس يقول ( إني لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما ) . وشملت السماء ابن النبي في كربلاء بمزيد من التأييد . بمعان جليلة من جلال الإسلام ، تختار منها هنا واقعة منه وواقعة من عدوه : في الأولى أخذ أخذ أبيه فسقى جيش العدو من العين التي نزل عندها ولم يحرم الماء قاتليه . [1] وفي الأخرى ترك قائدان من القواد جيش ابن زياد ، في وطيس المعركة ، إلى الجماعة العزلاء حول الحسين ، ليستشهدوا في
[1] وتعلم عليهما صلاح الدين في حربه مع الصليبين يوم أرسل طيبه إلى الملك رتشارد قلب الأسد قائد الصليبيين . وأين من قواعد الحرب الإسلامية قواعدها عند الأوربيين . إن ابقراط أبا الطب اليوناني الذي ورثت أوربة قسمه الأشهر يقسمه كل طبيب قبل أداء واجبه بالنزاهة والأمانة وعدم التعصب - لكن أبقراط علم الأوربيين درسا آخر حين رفض أن يعالج مرضى الطاعون في الجيش الفارسي قائلا إن شرفه يمنعه من معالجة عدو لبلاده !
56
نام کتاب : الإمام جعفر الصادق ( ع ) نویسنده : عبد الحليم الجندي جلد : 1 صفحه : 56