نام کتاب : الإمام جعفر الصادق ( ع ) نویسنده : عبد الحليم الجندي جلد : 1 صفحه : 317
له في أي عصر ، والمقام يضيق عن الاستقصاء . فحسبنا أن نقف قليلا عند فقرات من عهده لمالك بن الحارث ( الأشتر النخعي ) فهذا عهد مقطوع القرين في شكله وموضوعه ، في التراث العالمي والإسلامي ، وبخاصة في السياسة الإسلامية ، والحكم الصالح ، سواء في صياغته أو محتوياته . وهذا العهد يضع اسم على في ذروة المؤسسين للدول ( واضعي الدساتير ) حيث يتكلم عما يسمى في الدساتير العصرية بالمقومات الأساسية ، وواجبات الولاة نحو الإمامة ، وطريقة قيامهم بحقوق الجماعة ، بالتفصيل اللازم . والتنبيه على ملء الفراغ ، فيما سكت عنه ، بالرجوع إلى أصل الشريعة : القرآن والسنة . ولقد تتابعت على هذا العهد شروح الأئمة من بعد ، فرأينا لزين العابدين في رسالة الحقوق تفصيلات جديدة يقتضيها الزمان ، وشهدنا الإمام جعفر الصادق يضيف التطبيق ، والتفصيل الدقيق ، لما تضمنته رسالة زين العابدين وعهد على - فيجعل من تنفيذهما وشروحه لهما ، عهدا جديدا للمسلمين وللشيعة ، تبلغ به مجتمعاتهم أو دولهم مبالغها كلما التزموهما أو قاربوا الالتزام بهما . يبدأ " عهد على " بتحديد مهمة الوالي ( حين ولاه مصر ، جباية خراجها جهاد عدوها وإصلاح أهلها وعمارة بلادها ) فهو قد جمع له ولاية الخراج وولاية الحكم وقال : ( واعلم أن الرعية طبقات . لا يصلح بعضها إلا ببعض . ولا غنى ببعضها عن بعض : فمنها جنود الله . ومنها كتاب العامة . ومنها قضاة العدل [1] . ومنها عمال الإنصاف والرفق . ومنها أهل الجزية والخراج من أهل الذمة ومسلمة الناس . ومنها التجار وأهل الصناعات . و منها الطبقة السفلى من ذوي الحاجة والمسكنة . وكلا قد سمى الله سهمه . فالجنود بإذن الله حصون الرعية . وزين الولاة . وعز الدين . وسبيل الأمن . وليس تقوم الرعية إلا بهم . ثم لا قوام للجنود إلا بما يخرج الله تعالى لهم من الخراج . . . ثم لأقوام لهذين الصنفين إلا بالصنف الثالث من القضاة والعمال والكتاب . لما يحكمون من المعاقد ويجمعون من المنافع ويؤتمنون عليه من خواص الأمور وعوامها .
[1] يراجع شرح القسم القضائي من هذا العهد في كتابنا ( المنهج العلمي المعاصر مستمد من القرآن ص ( 145 - 160 ) .
317
نام کتاب : الإمام جعفر الصادق ( ع ) نویسنده : عبد الحليم الجندي جلد : 1 صفحه : 317