وقد بقي أهل البيت ( عليهم السلام ) وشيعتهم على وضوء النبي ( صلى الله عليه وآله ) فصاروا يعرفون به ! وكان علي بن يقطين ( رحمه الله ) في بلاط هارون محاطاً بحساده البرامكة وبعض أقاربه فكتب إلى الإمام الكاظم ( عليه السلام ) يسأله كيف يتوضأ : « فكتب إليه : فهمت ما ذكرت من الاختلاف في الوضوء ، والذي آمرك به في ذلك أن تتمضمض ثلاثاً وتستنشق ثلاثاً ، وتخلل لحيتك ، وتمسح رأسك كله ، وبه تمسح ظاهر أذنيك وباطنهما ، وتغسل رجليك إلى الكعبين ثلاثاً ، ولا تخالف ذلك إلى غيره . فلما وصل الكتاب إلى علي تعجب مما رسم له فيه ، ثم قال : مولاي أعلم بما قال وأنا ممتثل أمره ، فكان يعمل في وضوئه على هذه ، وسُعِيَ بعلي إلى الرشيد بالرفض فقال : قد كثر القول عندي في رفضه ، فامتحنه من حيث لا يعلم بالوقوف على وضوئه ، فلما دخل وقت الصلاة وقف الرشيد وراء حائط الحجرة بحيث يرى علي بن يقطين ولا يراه هو ، فدعا بالماء وتوضأ على ما أمره الإمام فلم يملك الرشيد نفسه حتى أشرف عليه بحيث يراه ، ثم ناداه : كذاب يا علي من زعم أنك من الرافضة ! وصلحت حاله عنده ، وورد كتاب أبي الحسن ( عليه السلام ) ابتداء : من الآن يا علي بن يقطين توضأ كما أمرك الله ، وذكر وصفه ، فقد زال ما يخاف عليك . . إغسل وجهك مرة فريضة والأخرى إسباغاً ، واغسل يديك من المرفقين كذلك ، وامسح مقدم رأسك وظاهر قدميك من فضل نداوة وضوئك » ( مناقب آل أبي طالب : 3 / 407 ، وإعلام الورى : 2 / 22 ) . 2 - قال علي بن يقطين : « كنت عند هارون الرشيد يوماً إذ جاءت هدايا ملك الروم ، وكانت فيها درَّاعة ( جبة ) ديباج سوداء لم أر أحسن منها ، فرآني أنظر إليها