ليس في استدعاء المنصور للصادق عليه السّلام في هذه الدفعة ظاهرة سوء ، فما الذي أقلق أبا عبد اللّه وروع نساءه ، وجعله يتوسّل إِلى اللّه تعالى في كفّ شرّ المنصور ، إِن أبا عبد اللّه أبصر بقومه وأدرى بنواياهم ، ومن الدفعات الآتية تتّضح لك جليّاً مقاصد المنصور مع الصادق عليه السّلام ، وأنه ما كان يقصد من هذا الإرسال إِلا السوء . الثانية : وروى ابن طاووس عن الربيع أيضاً ، قال حججت مع أبي جعفر المنصور فلمّا صرت في بعض الطريق قال لي المنصور : يا ربيع إِذا نزلت المدينة فاذكر لي جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي عليهم السّلام فواللّه العظيم لا يقتله أحد غيري ، إحذر أن تدع أن تذكّرني به ، قال : فلمّا صرنا إِلى المدينة أنساني اللّه عزّ وجل ذكره ، فلما صرنا إِلى مكّة قال لي : يا ربيع ألم آمرك أن تذكّرني بجعفر بن محمّد إذا دخلنا المدينة ، قال : فقلت : نسيت يا مولاي يا أمير المؤمنين ، فقال لي : فإذا رجعنا إِلى المدينة فذكّرني به فلا بدّ من قتله ، فإن لم تفعل لأضربنّ عنقك ، قال : فقلت له : نعم يا أمير المؤمنين ، ثم قلت لأصحابي وغلماني : ذكّروني بجعفر بن محمّد إِذا دخلنا المدينة إِن شاء اللّه قال : فلم يزل أصحابي وغلماني يذكّروني به في كلّ منزل ندخله وننزل فيه حتّى قدمنا المدينة ، فلمّا نزلنا المدينة دخلت إلى المنصور فوقفت بين يديه وقلت : يا أمير المؤمنين جعفر بن محمّد ، قال : فضحك وقال لي : نعم اذهب يا ربيع فأتني به ولا تأتني به إِلا مسحوباً ، قال : فقلت له : يا مولاي حبّاً وكرامة ، وأنا أفعل ذلك طاعة لأمرك ، قال : ثمّ نهضت وأنا في حال عظيم من ارتكابي ذلك ، قال : فأتيت الإمام الصادق جعفر بن محمّد عليهما السّلام وهو جالس في وسط داره ، فقلت له جعلت فداك : إِن أمير المؤمنين يدعوك إليه ، فقال : السمع والطاعة ، ثمّ نهض وهو معي يمشي ، قال : فقلت له : يا ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله إِنه أمرني ألا آتيه بك إِلا