مسحوباً ، قال : فقال الصادق عليه السّلام : امتثل يا ربيع ما أمرك به ، قال الربيع : فأخذت بطرف كمّه أسوقه ، فلمّا أدخلته عليه رأيته وهو جالس على سريره وفي يده عمود من حديد يريد أن يقتله به ، ونظرت إلى جعفر بن محمّد يحرّك شفتيه فلم أشكّ أنه قاتله ، ولم أفهم الكلام الذي كان جعفر بن محمّد يحرّك به شفتيه ، فوقفت أنظر إليهما ، قال الربيع : فلمّا قرب منه جعفر بن محمّد قال له المنصور : ادن مني يا ابن عمّي ، وتهلّل وجهه ، وقرَّبه حتّى أجلسه معه على السرير ، ثمّ قال : يا غلام ائتني بالحقّة ، فأتاه بالحقّة وفيها قدح الغالية فغلفه [1] منها ، ثمّ حمله على بغلة وأمر له ببدرة وخلعة ثمّ أمره بالانصراف ، قال : فلمّا نهض من عنده خرجت بين يديه حتّى وصل إلى منزله ، فقلت له : بأبي أنت وأمّي يا ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله إِني لم أشكّ فيه ساعة تدخل عليه أنه يقتلك ، ورأيتك تحرّك شفتيك في وقت دخولك عليه فما قلت ؟ قال لي : نعم يا ربيع إعلم أني قلت : حسبي الربّ من المربوبين ، حسبي الخالق من المخلوقين ، الدعاء . الثالثة : قال ابن طاووس في استدعائه مرّة ثالثة بالربذة [2] : يقول مخرمة الكندي : لمّا نزل أبو جعفر المنصور الربذة وجعفر بن محمّد عليه السّلام يومئذٍ بها ، قال : من يعذرني من جعفر هذا ، يقدّم رِجلاً ويؤخّر أخرى يقول : انتجى [3] عن
[1] أي غطّاه وغشّاه بها مبالغة في كثرة ما وضع عليه من الغالية . [2] أرض بين مكّة والمدينة كان فيها مسكن أبي ذر قبل إسلامه وإليها منفاه ، وفيها موته ومدفنه ، رضي اللّه عنه . [3] أتخلّص ، وفي نسخة أتنحّى وكلاهما يناسب المقام .