أنت أعلم بهنّ ، ولا بدّ لنا من الايضاح به [1] فإن كففت وإِلا أجرينا اسمك على اللّه عزّ وجل في كلّ يوم خمس مرّات [2] وأنت حدّثتنا عن أبيك عن جدّك أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله قال : أربع دعوات لا يحجبن عن اللّه تعالى : دعاء الوالد لولده ، والأخذ بظهر الغيب لأخيه ، والمخلص . . . قال الربيع ، فما استتمّ الكلام حتّى أتت رسل المنصور تقفو أثري وتعلم خبري فرجعت فأخبرته بما كان فبكى ، ثمّ قال : ارجع إِليه وقل له : الأمر في لقائك إليك والجلوس عنّا ، وأمّا النسوة اللاتي ذكرتهنّ فعليهنّ السّلام فقد آمن اللّه روعتهنّ وجلى همّهنّ ، قال : فرجعت إليه فأخبرته بما قال المنصور فقال : قل له : وصلت رحماً ، وجزيت خيراً ، ثمّ اغرورقت عيناه حتّى قطر من الدموع في حجره قطرات . ثمّ قال : يا ربيع إِن هذه الدنيا وان أمتعت ببهجتها ، وغرّت بزبرجها [3] فقلت : يا أبا عبد اللّه أسألك بكلّ حقّ بينك وبين اللّه جلّ وعلا إِلا عرفتني ما ابتهلت به إِلى ربّك تعالى ، وجعلته حاجزاً بينك وبين حذرك وخوفك فلعلّ اللّه يجبر بدوائك كسيراً ، ويغني به فقيراً ، واللّه ما أعني غير نفسي ، قال الربيع : فرفع يده وأقبل على مسجده كارهاً أن يتلو الدعاء صفحاً ، ولا يحضر ذلك بنيّة ، فقال : قل : اللّهم إني أسألك يا مدرك الهاربين ، ويا ملجأ الخائفين ، الدعاء . [4]
[1] أحسبه يريد أنه لا بدّ من الافصاح بحقيقة الحال . [2] يريد أنه يدعو عليه بعد كلّ صلاة ، ويكون من دعاء المظلوم الذي لا يحجب . [3] سوف نذكرها في المختار من كلامه في باب مواعظه . [4] ذكرنا هذه الأدعية التي في هذا الفصل كلّها فيما جمعناه من دعاء الصادق عليه السلام فإنّا لمّا رأينا أن أدعيته في هذا الفصل طويلة وكثيرة آثرنا جمعها مع ما ظفرنا به من أدعيته الأخر وجعلناها كتاباً مفرداً وسمّيناه دعاء الصادق وقد اجتمع لدينا حتّى اليوم ما يناهز 400 صفحة بقطع هذا الكتاب .