ثمّ جاء الحجّاج فقتلهم - يعني الشيعة - كلّ قتلة وأخذهم بكلّ ظنّة وتهمة ، حتّى أن الرجل ليقال له زنديق أو كافر أحبّ إليه من أن يقال له شيعة علي عليه السّلام [1] . فكان هذا دأب الأمويّين مع العلويّين وشيعتهم ، وقد عرفت شطر تلك السيرة ممّا سبق . ولو استطردت أنباء العصر العبّاسي لعلمت أن الدولة العبّاسيّة اقتدت بالأمّة الأمويّة في سيرتها القاسية مع العلويّة وأوليائهم ، وأمامك ما سلف ممّا حدّثناك به عن الأمويّة والعبّاسيّة وما جنتاه على أهل البيت من قسوة واعتداء . أفيستطيع بعد تلك النوائب والمصائب أن يجهر أهل البيت أو شيعتهم بما يرونه من الدين ومعارضة السلطة في المبدأ والمعتقد والسيرة والعمل ؟ بوجدانك أيها البصير ما كنت صانعاً لو تمرّ عليك وعلى أتباعك أمثال تلك الوقائع وأنت رائد ومسؤول ، أفتغريهم بإعلان ما يجعلهم مجزرة للأعداء وهدفاً للناقمين ، أم تحتّم عليهم الكتمان والتستّر هرباً من تلك المجازر ، وفراراً من مرارة العذاب والتنكيل ؟ وإذا كانت العترة أحد الثقلين اللذين بهما حفظ الدين ونواميسه تستأصلهم الحراب والحروب فهل يبقى للدين منار مرفوع أو ظلّ ممدود . إِذن لا محيص من التقيّة إِذا أرادت العترة ملازمة القرآن وتعليم ما فيه حتّى يردا الحوض معاً على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ، وإِذا أرادوا كشف ما عليه أولئك المسيطرون على الناس من الظلم وبيان ما عليه أولئك المبتدعون في الدين من الضلالة والجهالة .