يصل إلى غرضه كما فعل الحسين عليه السّلام ، فليست نفسه بأعزّ من الدين عليه ، ولكنه يعلم يقيناً بأن ذلك سيقضي على نفيس حياته ، دون أن يسدي إلى الدين نفعاً ، ويجرّ له مغنماً أو أنه يلتزم الصمت أمام ذلك الصراع وفيه مسؤوليّة كبرى أمام اللّه وأمام صاحب الشريعة فلا بدّ إِذن من مخرج لتخليص الدين من هذا الصراع ، مع سلامة نفسه وصفوة رجاله من مخالب تلك الأسود الضارية . فكانت سياسته الرشيدة في سبيل ذلك نشر العلوم والمعارف وبثّ الأحكام والحِكم وافشاء الفضائل ، وكبح الضلالات بالحجّة في ظلّ ( التقيّة ) التي اتّخذ منها جنّة ودريئة لتنفيذ سياسته الحكيمة ، فكانت تعاليمه خدمة للشريعة ، وعباداته إِرشاداً للناس ، ومناظراته مناهضة للبدع ، فاستقام مجاهداً على ذلك إلى أن وافاه الأجل . فوجب أن نتكلّم عن التقيّة لأجل ذلك في فصل مستقل . دليل التقيّة : إن التقيّة من الوقاية ، فهي جنّة تدرأ بها المخاوف والأخطار وموردها الخوف على النفيس من نفس وغيرها . ودليلها : الكتاب ، والسنّة ، والعقل ، والاجماع عند الشيعة ، أمّا الكتاب فيكفي منه قوله تعالى " لا يتّخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من اللّه في شيء إِلا أن تتّقوا منهم تقاة ويحذّركم اللّه نفسه " [1] فجوّز تعالى للمؤمنين أن يتظاهروا في ولاء الكافرين عند التقيّة والخوف من شرّهم ، إلى غيرها من الآيات التي سيرد عليك بعضها .