العبّاسيّون دار الصادق عليه وعلى عياله ، حتّى خرج الصادق إليها فأطفأها وقد سرت في الدهليز . ولئن سلب الأمويّون بنات الرسالة يوم الطف ، فلقد أرسل الرشيد قائده الجلودي إلى المدينة ليسلب ما على الطالبيّات من حليّ وحلل ، فكان الجلودي أقسى من الجلمد في إمضاء ما أراده فلم يترك لعلويّة ولا طالبيّة حلَّة ولا حلية . وسيَّر هشام بعد حادثة زيد كل علوي من العراق إلى المدينة وأقام لهم الكفلاء ألا يخرجوا منها ، وسيَّر موسى الهادي بعد حادثة فخ كلّ علوي من المدينة إلى بغداد حتى الأطفال فأُدخلوا عليه وقد علتهم الصفرة ممّا شاهدوه من الرعب والتعب والأحداث . وهكذا لو أردنا أن نقايس بين أعمال الدولتين ، فلا نجد للأمويّين حدثاً في الإساءة لأهل البيت إلا وللعبّاسيّين مثله مضاعفاً ، فكأَنما اتخذوا تلك الخطّة مثالاً لهم يسيرون عليها ، وزاد العبّاسيّون أن اختصّوا بأشياء من فوادحهم مع العلويّين لم يكن للأمويّين مثلها ، كجعلهم العلويّين بالأبنية والأسطوانات حتّى جعل المنصور أساس بغداد عليهم ، ولا تنسل عمّن وضعه الرشيد في تلك المباني من الفتية العلوية البهاليل . وقطع الرشيد شجرة عن قبر الحسين عليه السلام كان يستظلّ بها زائروه ، وهدم المتوكّل قبره وما حوله من الأبنية والبيوت ، وحرث أرض كربلاء وزرعها ليخفي القبر وتنطمس آثاره ، حتّى قيل في ذلك : تاللّه إِن كانت أميّة قد أتت * قتل ابن بنت نبيّها مظلوما فلقد أتته بنو أبيه بمثله * فغدا لعمرُك قبره مهدوما أسفوا على ألا يكونوا شاركوا * في قتله فتتبعوه رميما