وجلسوا أقبل بوجهه على عائذ فقال عليه السلام : من أتى اللّه بما افترض عليه لم يسأله عمّا سوى ذلك ، فغمزهم فقاموا ، فلمّا خرجوا قالوا له : ما كانت حاجتك ؟ قال : الذي سمعتم ، لأني رجل لا أطيق القيام بالليل فخفت أن أكون مأخوذاً به فأهلك [1] . ودخل عليه شهاب بن عبد ربّه [2] وهو يريد أن يسأله عن الجنب يغرف الماء من الحِبّ فلمّا صار عنده أنسي المسألة ، فنظر إليه أبو عبد اللّه عليه السلام فقال : يا شهاب لا بأس أن يغرف الجنب من الحِبّ [3] . وكان جعفر بن هارون الزيّات [4] يطوف بالكعبة وأبو عبد اللّه عليه السلام في الطواف ، فنظر إليه الزيّات وحدّثته نفسه فقال : هذا حجّة اللّه ، وهذا الذي لا يقبل اللّه شيئاً إِلا بمعرفته ، فبينا هو في هذا التفكير إِذ جاءه الصادق من خلفه فضرب بيده على منكبه ثمّ قال : " أبشراً واحداً منّا نتبعه إِنّا إِذن لفي ضلال وسعر " [5] ثمّ جازه [6] . ودخل عليه خالد بن نجيح الجواز [7] وعنده ناس فقنّع رأسه وجلس ناحية
[1] الشيخ في التهذيب والأمالي ، والكليني في الكافي ، والصدوق في الفقيه ، ذكروه في كتاب الصلاة في القيام بالليل ، المناقب : 3 / 226 . [2] الكوفي من أصحاب الصادق ورواته الثقات . [3] بصائر الدرجات : 5 / 63 ، بحار الأنوار : 47 / 68 / 13 . [4] لم ينصّوا على توثيقه ولكنهم استظهروا أنه من الحسان . [5] القمر : 24 . [6] بصائر الدرجات : 5 / 65 ، بحار الأنوار : 47 / 70 / 25 . [7] نجيح بالجيم المعجمة والحاء المهملة ، وأمّا الجواز فقيل بالمعجمتين الجيم والزاء مع تضعيف الواو ، وقيل بإهمالها ، وقيل بإعجام الأولى وإِهمال الثانية ، وقيل : الجوان بالجيم والنون ، وعلى كلّ حال فقد حسنت عقيدته بعد هذا الردع ، وعدّوه في أصحاب الكاظم عليه السلام وهو المشير إلى الرضا عليه السلام من بعده .