هشام : يا ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله إِني أجلّك وأستحييك ولا يعمل لساني بين يديك [2] . وهذا ابن أبي العوجاء مع إِلحاده كان أحياناً يحجم عن مناظرة الصادق عليه السلام لتلك الهيبة ، فإنه حضر يوماً لمناظرة الصادق ولكنه بعد أن جلس سكت ، فقال له الصادق : فما يمنعك من الكلام ؟ قال : إِجلال لك ومهابة ، ما ينطق لساني بين يديك ، فإني شاهدت العلماء ، وناظرت المتكلّمين فما تداخلني هيبة قط مثلما تداخلني من هيبتك [3] . على أن الصادق عليه السلام كان بين أصحابه وجلسائه كواحد منهم لا يتظاهر بالعظمة وحشمة الإمامة ، وينبسط لهم بالكلام ، ويجلس معهم على المائدة ، ويؤنسهم بالحديث ، ويحثّهم على زيادة الأكل ، لئلا تمنعهم الهيبة من الانبساط على المائدة واكل ما يشتهونه ، غير أن تلك الهيبة التي كانت شعاره من الهيبة الذاتيّة التي تمنع العيون من ملاحظته والألسنة من الانطلاق بين يديه ولم يكن محاطاً بخدم ولا حجاب . عبادته إِن المفهوم من العبادة عند إِطلاق هذه الكلمة ، هو العبادة البدنيّة من الصوم والصلاة والحجّ وما سواها ، ممّا يحتاج إلى نيّة القربة ، وكان الصادق عليه السلام في هذه العبادات زين العبّاد . وهذا السبط في التذكرة يقول : قال علماء السير : قد اشتغل بالعبادة عن
[2] الكافي : 1 / 169 / 3 . [3] كتاب التوحيد : باب إِثبات حدوث العالم .