نحبّ رضينا [1] . لا أدري من أيّها يعجب المرء أمِن جَلد أبي عبد اللّه عليه السلام على هذه المفاجأة المشجية ، أم من هذا الشكر المتوالي على مثل هذه النوائب المؤلمة ، أم من ذلك الحبّ للخالق على كلّ حال ، والرضى بما يصنع في كلّ أمر ، أم من تلك البلاغة والفصاحة وتدافع الحِكم البليغة ومطاوعتها له ساعة الدهشة والذهول ؟ أجل لولا هذه الملكات القدسيّة ، والأحوال المتضادّة في شخصيّة أبي عبد اللّه عليه السلام لم تكن الشخصية الوحيدة في خصالها وصفاتها . وكفى إِكباراً لجَلده سقوط الولد من يد الجارية وموته ، وتغيّر لونه لفزع الجارية وارتهابها ، ولم يظهر عليه الحزن والجزع لهذه المفاجأة بموت الصبي على هذه الصور المشجية . وما زال يشاهد الآلام والنوائب والمكاره طيلة أيامه من الدولتين ولم يعرف التاريخ عنه تطامناً وخضوعاً وجزعاً وذهولاً بل ما زال يظهر عليه الصبر والجَلد وتوطين النفس . هيبته قد تكون الهيبة للرجال العِظام من تلك الكبرياء التي يرتديها المرء نفسه ، أو من الذين حوله من خدم وأهل وقبيلة ، أو جند ودولة ، وهذه الهيبة لا تختصّ بقوم ، فإن كلّ من تلبّس بأحد هذه الشؤون اكتسى هذه الهيبة ، وهذه الهيبة جديرة بأن تسمّى الهيبة المصطنعة . وقد تكون للمرء من دون أن يُحاط بجيش وخدم وعشيرة ودولة وإِمرة