ولا قاطع رحم [1] . هذه نفحات من هباته السرّيّة ، وصِلاته الخفيّة ، التي تمثّل لك الرحمة والرأفة . حلمُه وكان التجاوز عليه يأتيه من القريب والبعيد ، فلا يقابله إِلا بالصفح بل ربما قابله بالبّر والإحسان . وقد مرَّ عليك شطر منه في العنوان الماضي وكثير في حياته السياسيّة في محنه وسيأتي في أبواب كثيرة ، ونحن نورد لك الآن بعض ما ينبيك عن هذا الخلق الكريم . فكان إذا بلغه نيل منه ووقيعة وشتم يقوم فيتهيّأ للصلاة فيصلّي ثمّ يدعو طويلاً ملحّاً في الدعاء سائلاً ربّه ألا يؤاخذ ذلك الجاني بظلمه ولا يقايسه على ما جنى ، لأن الحقّ حقّه ، وقد وهبه للجاني غافراً له ظلمه [2] . بل يزيد على ذلك في ذوي رحمه فيقول : إِني لا حبّ أن يعلم اللّه أني أذللت رقبتي في رحمي ، وأني لأبادر أهل بيتي أصلهم قبل أن يستغنوا عني [3] . إِن الحوادث محكّ ، وبها تعرف مقادير الرجال ، وبها تبلى السرائر ومن ثمّ تعرف الفرق بين أبي عبد اللّه وبين ذوي قرابته ، فكان يجفوه أحدهم ، بل ينال منه الآخر شتماً ونبزاً ، بل يحمل عليه الثالث بالشفرة عامداً على