وكان من حُبّه للبرّ والإطعام والتزاور أن يأمر بها أصحابه تصريحاً وتلويحاً ، ولربّما كان التلويح أجمل في الترغيب بالعمل ، حيث يخبر عن حبّه لتلك الخصال الكريمة ، فيقول : لئن آخذ خمسة دراهم وأدخل إلى سوقكم هذه فأبتاع بها الطعام وأجمع نفراً من المسلمين أحبّ إِليَّ من أعتق نسمة [1] . ويقول : لئن أطعم مؤمناً محتاجاً أحبّ إِليَّ من أن أزوره ، ولئن أزوره أحبّ إِليَّ من أن أعتق عشر رقاب [2] . وما أكثر ما جاء عنه من أمثال ما أوردناه . وإِخال أن السرّ في تقديم بعض هذه الأمور على بعض هو رعاية الألفة والتوادد فما كان أدخل في الاجتماع كان أفضل . وانظر كيف يقرّب لك حسن الصنيعة والأفضال ليحملك على هذا العمل الجميل فيقول : ما من شيء أسرَّ إِليَّ من يد أتبعتها الأخرى ، لأن من الأواخر يقطع شكر الأوائل [3] . أقول : إِن الوجدان شاهد صدق على ذلك ، لأن اليد الواحدة إذا اتبعها الانسان بقطيعة فوَّتت القطيعة شكر تلك الصنيعة ، فلا يدوم الشكر إِلا إِذا تتابعت الأيدي . وإِن شئت أن تقف على عمله الذي يمثّل لك العطف والبرّ فانظر إلى ما كان يعمله في ( عين زياد ) وهي ضيعة كانت له حول المدينة فيها نخل كثير ، فإن بعض أصحابه طلب منه أن يذكر لهم ذلك . قال عليه السلام : كنت آمر إذا أدركت الثمرة أن يثلم في حيطانها الثلم