الأكل قال له : يعتبر حبّ الرجل لأخيه بانبساطه في طعامه ، ثمّ يجوز له حوزاً ويحمله على أكله ، وإذا رآهم يقصرون في الأكل خجلاً قال لهم : تستبين مودَّة الرجل لأخيه في أكله [1] . وكان إذا أطعم أصحابه يأتيهم بأجود الطعام ، قال بعضهم : كان أبو عبد اللّه عليه السلام ربّما أطعمنا الفراني والأخبصة ، ثمّ أطعمنا الخبز والزيت فقيل له : لو دبّرت أمرك حتّى يعتدل يوماك ، فقال : إِنما نتدبّر بأمر اللّه إذا وسّع وسّعنا وإذا قتّر قتّرنا . وقال أبو حمزة : كنّا عند أبي عبد اللّه عليه السلام جماعة فأتينا بطعام ما لنا عهد بمثله لذاذةً وطيباً ، وأتينا بتمر ننظر فيه وجوهنا من صفائه وحسنه [2] . وكان مع ذلك الشأن والسنّ يمنع ضيفه من القيام لبعض الحوائج فإن لم يجد أحداً قام هو بنفسه ، ويقول : نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله عن أن يستخدم الضيف [3] . ولرغبته في بقاء الضيف عنده كان لا يساعده على الرحيل عنه ، كما صنع ذلك مع قوم من جهينة ، فإنه أمر غلمانه ألا يعينوهم على الرحلة ، فقالوا له : يا ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله لقد أضفت فأحسنت الضيافة ، وأعطيت فأجزلت العطيّة ، ثمّ أمرت غلمانك ألا يعينونا على الرحلة ، فقال عليه السلام : إِنّا أهل بيت لا نعين أضيافنا على الرحلة من عندنا [4] .